ولد محمد الامين يكتب عن أصول الرق ومخلفاته الى رؤية فخامة رئيس الجمهورية/ الحلقة الثالثة

ثالثا: محاربة الرق على رأس عريضة النضال السياسي المطلبية.

عندما وضعت الحرب البينية (حرب الصحراء) أوزارها بالتزامن مع التحول السياسي في هرم الحكم إثر انقلاب 10 يويو 1978 الذي أطاح بالرئيس المرحوم المختار ولد داداه شرعت القوى الثورية الفاعلة وقتها، التي كانت محاصرة بسياسة الحزب الواحد، في طرح مشكلة الرق وعارضته بجدية وجعلته حديث الساعة بما عرضها لكثير من المضايقات.

ومن أبرز من طرحوا هذا الإشكال ابتداء من 1979 القوميين والكادحين ولحق بهم مباشرة تنظيم الحر كمجوعة من أبناء الأرقاء السابقين وقد صدر سنة 1980 أول مقال من كراس البعث والحراطين الذي كان البعثيون يكتبونه بين الأعوام 1980 ـ 1988ويرمونه في الشوارع ليلا ليصبح متناثرا وتقرأه المارة؛ لأن تداول البيانات وقتذاك محرم في ظل إحكام القبضة على الحريات العامة.

وعلى الرغم من إحكام تلك القبضة لقي نضال القوى الثورية قبولا من طرف السلطة العليا بقيادة الرئيس محمد خونة ولد هيدالة، الذي استدعى أبرز علماء البلد واستشارهم في حكم المسألة وأعطوه الرأي الفقهي القاضي بعدم جواز العبودية في حق المسلمين باستثناء البعض، ممن طرح القضية بنفس الإشكال الذي سبق معنا ورد عليه التنبكتي بأن المراحل تختلف وأن الاستعباد في ظل مواجه أغلبية كافرة لأقلية مسلمة ليس كحال استعباد أغلبية مسلمة لأقلية كافرة، أحرى استعباد المسمين للمسلمين؛ وبناء عليه أقر ولد هيداله قانون تحريم العبودية سنة 1981 واستمر تنفيذه مع تقدم الوقت حتى أدخل في المنظومات التربوية من خلال توسيع دائرة المدارس لتشمل تجمعات الأرقاء السابقين (آدوابه) الشيء الذي مكن أبناء هذه التجمعات من ولوج الوظيفة العمومية ولو أنه ولوج محدود تحكمه فلسفة المجتمع الخاضعة للمعايير القبلية.

وظلت القوى الثورية متمسكة بهذا الملف معتبرة أنه مازال ينقصه الكثير من المكاسب الجوهرية، مع تسجيل ارتياح للمستوى الذي وصل إليه، كلما تطور البلد طيلة حكم الرئيس معاوية، وما تحقق من تحسن خلال فترة الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله الذي أصدر مرسوما يعاقب ، بالغرامة المالية، كل من تلفظ بالألفاظ الجارحة في حق أبناء الأرقاء السابقين، ذلك التحسن الذي تواصل في فترة الرئيس محمد ولد عبد العزيز من خلال إنشاء مؤسسة تدخل لصالح الفئات الهشة تسمى ( وكالة التضامن).

ولئن كان مسار القضاء على الاستعباد في عموم الصحراء قبل الاستعمار تركز حول مواقف الفقهاء إلا أنه في موريتانيا ابتداء من نهاية عقد الدولة الثاني تميز بحضور الخطاب والقرار السياسيين وكلما تطور الوقت توصلت الدولة إلى حل إشكال منه كان خطيرا حتى تحول مشكله من مشكل استعباد إلى مشكل مخلفات استعباد. هذا المشكل الذي أنشأت الدولة من أجل القضاء عليه مؤسسات للتدخل مازالت تسبر مكامن الداء لاستئصاله يتضح ذلك جليا في مشروع تعهدات رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني الذي نقل المشكل من عائق شرائحي إلى عائق اجتماعي وجوده أخطر على كيان الدولة حاضرا ومستقبلا منه على كيان أبناء شريحة عانت من قبل.

عضو مكتب للجنة الوطنية للشباب

الشيخ ولد محمد الأمين
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى