ملاحظات حول انتخابات 22 يونيو

لقد تمثلت المفاجأة التي أسفرت عنها نتائج اقتراع 22 يونيو في مسألتين اثنتين: تقدم بيرام الداه اعبيد على المرشح سيدي محمد بوبكر، والتأخر الشديد لمحمد ولد مولود مقابل تقدم لافت لكان حاميدو بابا.

وهو ما أثار استغراب المراقبين، حين لم يتجاوز حزب اتحاد قوى التقدم المدعوم من حزب تكتل القوى الديمقراطية عتبة 2% واعتبروها انتكاسة سياسية وبرهان على موت الحزبين، مشيرين إلى احتمالين اثنين لا مناص من صِحة واحد منهما: إما أن حزب التكتل أصبح ضعيفا إلى درجة الاحتضار، وإما أنه لم يصوت للمرشح محمد ولد مولود؟!.

أما تأخر المرشح السيد سيدي محمد ولد بوبكر – الذي كان بعضهم يراهن على تجاوزه لشوط ثان، أو حلوله في المرتبة الثانية – فيرجع إلى ثلاثة أسباب:

أولها: أنه لم يكن مدعوما من أحزاب الأغلبية، ولا هو محل إجماع من أحزاب المعارضة.

وثانيها: أن انتخابه شكل انقساما داخل حزب تواصل الداعم له، مما جعل جزءا معتبرا من الحزب ينسحب لصالح غزواني.

ثالثها: أن كثيرا من المواطنين اعتبروه امتدادا للأنظمة السابقة الذين سئموا نهجها واكتووا بحيفها.

إن الغضب الذي أثاره المرشح محمد ولد الغزواني بإعلان فوزه من طرف واحد لا مسوغ له، لأنه أمر شائع ومعروف في الأعراف الديمقراطية، لكنه لا يعني فوزا رسميا، وإنما يُعد فوزا مَبدئيا طبقا لفرز النتائج الأولية.

أما الدعوة للنزول إلى الشارع في هذه الظرفية الحساسة، أو اللجوء إلى شوط ثان فلا تخدم أيٌ منهما مصلحة المترشحين الأوفر حظا في المعارضة (بيرام و بوبكر).

فبالنسبة للسيد سيدي محمد ولد بوبكر فقد خرج من لعبة المنافسة، ولجوؤه إلى التصعيد سيدمر معنوياته تدميرا شاملا ولن يُبقيَ له وزن سياسي ولا ذكر اجتماعي، لأن أغلب شعبيته ترجع إلى حزب تواصل، وقد رأينا عشرات المنشورات والتصريحات من قادته وقاعدته ترفض الفوضى والنزول إلى الشارع، وتميل إلى الاعتراف بالنتيجة ما دامت الخروقات لم تصل إلى درجة الطعن في النتيجة العامة للاقتراع.

وبالنسبة للسيد بيرام الداه اعبيدي فإن اللجوء إلى تنظيم شوط ثان لن يحصل منه على نتيجة، وإنما سيستنزف ما تبقى من أموالٍ محدودةٍ في جيوب أنصاره في تعبئة الناخبين ونقلهم إلى أماكن التصويت.

لكن يجب أن يدرك الجميع أن النتيجة المعتبرة التي حصل عليها السيد بيرام تستوجب مسألتين:

– احترام الرجل بعد تزكيته من عامة أبناء شريحته.

– المسارعة في معالجة الفوارق الاجتماعية وردم الهوة التي خلفها الغبن بين مكونات الشعب.

وفي المقابل يجب على السيد بيرام التحلي بالمسؤولية والتخلص من الخطاب الخشن والعبارات النابية لأنه أصبح شخصية وطنية عامة.

وفيما يخص نزاهة الانتخابات فسأتحدث عما رأيت حيث تجولت يوم الاقتراع رفقة والي تيرس الزمور وحاكم مقاطعة ازويرات في جميع المكاتب الموجودة بالمدينة.

وقد حرصت أن أسأل كل المراقبين والممثلين للمترشحين عن مدى رضاهم عن سير عملية الاقتراع، فأعربوا جميعا عن ارتياحهم لها، مؤكدين أنهم لم يلاحظوا أي خروقات ولا تجاوزات.

كما لاحظت أن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وزعت أطقمها في الصباح الباكر على مكاتب التصويت، وأعطت حق التمثيل لكل مترشح بإيفاد مراقب في كل مكتب، وذلك ابتداء من وقت افتتاح مكاتب التصويت، وحتى الانتهاء من عملية الفرز، كما وفرت صناديق اقتراع شفافة، وجهزت الحِبر اللاصق، وطابَعَ التأمين، مع إقامة الساتر العازل للتصويت.

وفيما يخص تغطية وسائل الإعلام العمومية فإني أشهد أن التلفزة والوكالة والإذاعة قاموا بتغطية إعلامية مهنية لحملات المرشحين ونشاطاتهم بطريقة متوازنة وعادلة، بحيث أوفدت مع كل مرشح فريق إعلامي وفني متكامل، كما خصصت فقرات دعائية مجانية ومتساوية في الوقت لصالح المترشحين، لكن بعض المرشحين لم يستغل وقته كاملا بسبب ضعف أداء حملته.

وقد بلغت هذه المهنية قمتها حين ألزمت الإدارة الإعلامية الصحفيين بذكر اسم كل مرشح في التقرير بعدد مُحدَّد ومتساو.

سيدي ولد أحمد مولود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى