محاذير ومخاطر يذكرنا بها التقرير

بعد التقرير الصادم الذي نشرته محكمة الحسابات والذي يكشف المستور عن الكثير من الخفايا المتعلقة بنهب المال العام، و التي ظلت طي الكتمان بل مجرد التلميح الي بعضها يعد من الموبقات التي تعرض صاحبها للملاحقة القضائية.

ولقد كان هذا اللون من التقارير خاصا بالمعارضة ووسائل الإعلام المقربة منها او المستقلة، ولقد كان التباهي بالشفافية وحسن التسير والمبالغة في التعفف عن المال العام يطبع معظم خطاباتنا الرسمية فما هو الجديد المفيد في الأمر ؟
في رأيي أن هنالك جديدا في التعامل مع المال العام ولو علي الأقل نظريا؛ لأن الأمور لا تأتي دفعة واحدة، فأول الغيث القطر كما يقال، ونحن نتفاءل خيرا
وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن.
ويبدو أن كشف سوآت أكلة المال العام في هذا التوقيت هو مؤشر على المقاربة التي سوف ينتهجها النظام الجديد في تعامله مع هذ النوع من الجرائم

قد يقول البعض إن نهب المال العام هو جوهر المشكلة وبيت الداء في التنمية، ولكنه لا يقل خطرا ولا أثرا عن عن الادوية والمواد المنتهية الصلاحية وخراب الطرق الذي نجم عنه حصد آلاف الأرواح
وأخطر من هذا كله الشرائحية والدعاية العنصرية والجهوية والقبلية التي ظلت تنمو بصمت إلي أن وصلت إلي هذه الحال، حيث أصبحت تهدد السلم الأهلي، ولو أنها عولجت في مهدها علاجا ناجعا لا ينطلق من الحسابات السياسية التي لا يهتم أصحابها بالمظالم إلا عندما تبلغ أوجها وعندما تدق ناقوس الخطر وتصبح قضية دولية
حينها يبدأ الاهتمام بها.
إن تحصين الأمم والشعوب يحتاج الي إرادة قوية ومقاربات جادة تضع في الحسبان الإخفاق الاقتصادي الذي ولد الكثير من الإحباط، ثم الجانب التعليمي، ثم بعد ذلك مقاربة سياسية تعتمد الحوار وإشراك المستهدفين في عملية تسيير البلد، ويكون المعيار في تولي المناصب اساسه مبدأ الكفاءة والقوة والأمانة، بعيدا عن المحاصصة العرقية أو الجهوية أو القبلية، إن علاج هذه الامور أصبح أكثر إلحاحا من ذي قبل، فلقد رأينا ثورات الجياع والمهمشين التي لا تبقي ولا تذر حيث آثارها ماثلة للعيان، وقبل أن يصبح العلاج باهظا ومكلفا يجب ان نبادر بالعلاج؛ لأن العاقل من يتعظ بغيره
فالمحيط الإقليمي والدولي الملتهبان اللذان يعجان بالمشاكل و البلابل التي لا يقي من شرهما المستطير بعد حفظ الله عز وجل إلا اليقظة والحذر والنية الصادقة والعمل الجاد لتجنب تلك المحاذر والمخاطر وتحصين الدولة والمجتمع بالعدل والإنصاف وإلا فإنه عندما تستفحل تلك المشاكل فإن اعداء الوطن في الداخل والخارج لن يدخروا جهدا في استغلال الثغرات الضعيفة وضرب الوطن من خاصرته الهشة وإذكاء الفتن.

محمدي ولد لمات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى