الجزأ الثاني ما خفي أعظم يكشف معلومات لأول مرّة عن انقلاب قطر الفاشل 96
بثت قناة الجزيرة الأحد 11 مارس/آذار 2018، الجزء الثاني من فيلم استقصائي
يحمل اسم “ما خفي أعظم” تحدث عن محاولة الانقلاب الفاشلة في قطر عام
96 ودور ملك البحرين الحالي حمد بن عيسى ومحمد بن زايد والاستخبارات
السعودية في العملية.
وتحدث الفيلم عن الصفقات والأحداث التي تمّت بعد فشل الانقلاب وانكشاف
ساعة الصفر قبل موعدها بـ 120 دقيقة وإعلان الطوارئ في كافة المراكز
الأمنية والمدنية والمنافذ الحدودية في قطر.
ومن ضمن ما ذكر الفيلم أنه عقب فشل العملية طلب ملك البحرين الحالي- كان
حينها ولياً للعهد- من القطريين المشاركين في الانقلاب تنفيذ 7 عمليات تفجير
في الدوحة.
ضيوف الفيلم الذين تحدثوا لأوّل مرّة قالوا إن قادة الإمارات والبحرين والسعودية
كان لهم مآرب أخرى تركّزت في مصالحهم فقط.
يقول فهد المالكي أحد أبرز قيادات المحاولة الانقلابية على نظام الحكم في
قطر عام 1996 -و الذي هرب إلى الإمارات بعد فشل المحاولة- إن الشيخ حمد
بن عيسى موله شخصيا لتنفيذ سلسلة عمليات تخريبية وتفجير داخل الدوحة
تحت غطاء جبهة معارضة لنظام حكم الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل
ثاني.
وفي حديثه مع مقدم البرنامج الزميل تامر المسحال، كشف المالكي أنه حصل
حينها على مبلغ 100 ألف دينار بحريني من حمد بن عيسى مقابل استهداف
مقرات سيادية في الدوحة، كان بينها مقر دائرة الجوازات الذي وضعت فيه عبوة
ناسفة لم تنفجر وعثرت عليها السلطات القطرية في أكتوبر/تشرين الأول
1996.
وأكد المالكي أنه قد اتصل شخصيا حينها بوكالة رويترز للأنباء وتبنى محاولة
التفجير تحت مسمى “منظمة عودة الشرعية“.
وعلى وقع عمليات التخريب في الدوحة، كشف التحقيق عن انسحاب الشيخ
خليفة بن حمد من المشهد وسفره إلى أوروبا بعد خلاف مع الدول الداعمة
للانقلاب، حيث يقول السفير الأميركي في قطر في تلك الفترة باتريك ثيورس
إن نوايا تلك الدول بدأت تتضح بعد فشل المحاولة، وإنها لم تكن بسبب غضبها
من إزاحة الشيخ خليفة من الحكم، بل بدا واضحا أن استقلال قطر كان غير
مقبول لتلك الدول التي دعمت الانقلاب، على حد قوله.
وقد استعرض التحقيق مدى الدعم الذي قدم للهاربين من قطر وللمشاركين
في المحاولة الانقلابية الفاشلة في فبراير/شباط 1996 حيث أظهر التحقيق
للمرة الأولى صورا لجوازات السفر الإماراتية والبحرينية التي تم منحها
للعسكريين وقيادات الانقلاب القطريين، مما شكل لهم غطاء سياسيا في تلك
المرحلة.
أما العميد المتقاعد شاهين السليطي الذي كان مسؤولا في جهاز المخابرات
القطرية، فقال إن الأجهزة الأمنية القطرية نجحت في الوصول إلى أدلة مختلفة
تدين دور هذه الدول، مما وضعها في موقف محرج، على حد تعبيره.
اتصالات مكثفة
وأشار السليطي -الذي كان أحد المشرفين على التحقيق مع المتورطين- إلى
أن اتصالات مكثفة أجريت بين السلطات القطرية وقيادات عليا في كل من
الإمارات والسعودية قادت إلى تسليم عدد من المطلوبين.
وبحسب التحقيق، فإنه في أواخر عام 1997 سلمت السعودية لقطر أحد أبرز
قيادات المحاولة جابر حمد جلاب المري الذي روي تفاصيل تسليمه، وكشف عن
تعرضه لإهانة وتعذيب متعمد خلال التسليم من قبل رجال الأمن السعودي.
بينما كشف فهد المالكي عن قصة هروبه من الأمن الإماراتي الذي حاول
اعتقاله وتسليمه لقطر، حيث قال في شهادته إنه فر إلى اليمن قبل أن تسلمه
السلطات اليمنية للدوحة منتصف عام 1998.
ملف محاولة الانقلاب عام 1996 أغلق بحسب الشهادات التي وردت في
التحقيق باعتقال قائد خلية الانقلاب في الخارج حمد بن جاسم بن حمد الذي
كان قد فر إلى سوريا حيث اعتقل في عملية أمنية خاصة بمطار بيروت واقتيد
في طائرة إلى الدوحة، حسب رواية المسؤول في جهاز المخابرات القطري
شاهين السليطي.
بقيت قضية محاولة الانقلاب في المحاكم القطرية حيث صدرت حينها أحكام
مختلفة بينها الإعدام لعدد من قيادات الانقلاب.
في مايو/أيار 2010 طلب الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز من
أمير قطر حينها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني العفو عن 21 معتقلا سعوديا
تورطوا في محاولة انقلاب 96 واعتقلتهم السلطات القطرية داخل أراضيها.
واستجابت قطر حينها وسلمت المفرج عنهم إلى الأمير متعب بن عبد الله.
وعرض التحقيق مقاطع من قناة الإخبارية السعودية يظهر فيها ولي العهد
السعودي الأسبق الراحل سلطان بن عبد العزيز وهو يستقبل المفرج عنهم
ويؤكد على احترام السعودية لسيادة قطر وحسن الجوار، مثمنا استجابة أمير
قطر لطلب العاهل السعودي حينها.
وكان الجزء الأول من تحقيق قطر 1996 قد أثبت بالأدلة والوثائق تورط كل من
الإمارات والسعودية والبحرين ومصر في محاولة الانقلاب الفاشلة على نظام
الحكم في قطر.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلا واسع النطاق منذ أعلنت قناة
الجزيرة عن بث الجزأين، حيث تفاعل المغردون على وسم البرنامج الذي أثار
جدلا وردود فعل متباينة.
وقال مقدم البرنامج الزميل تامر المسحال إن التحقيق وثق مرحلة تاريخية لم
توثق من قبل، وإن البرنامج يحسب له أنه قابل للمرة الأولى شخصيات صانعة
للحدث سواء من قيادات المحاولة الانقلابية أو الجهة الأمنية المسؤولة عن
التحقيق، مشيرا إلى أن شهادة السفير الأميركي كانت مهمة في سير
التحقيق لأنه كان أرفع شخصية أجنبية على أرض قطر وقت محاولة الانقلاب.
هاف بوست