كيفه : هدية العام الجديد. بقلم/ سيدي ولد أحمد مولود

يمر الإنسان في حياته بثلاث مراحل عمرية مِفصلية:

1- مرحلة الرشد: وهي ثمانية عشر عاما، والتي يصبح فيها المرءُ مخاطبا شرعا وقانونا ومسؤولا عن جميع أفعاله وأقواله، حيث يُكلف ملكان بكتابة ما يصدر عنه من خير أو شر.

2- سن الأربعين: وهي متوسط الأعمار، وفيها يشتد القلم، ويكتمل الرُّشد، وتستوي القوة، ويَحصل فيها الإنسان على رصيد معتبر من العلم والتجربة يُمَكِّنه من استخلاص العبر من الماضي، لهذا وصفها الله على لسان نبيه بأنها عُمر قال تعالى (فقَدْ لَبِتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبلِهِ)
ولا يبعث الله الأنبياء بالرسالة إلا حين يصل أحدُهم الأربعين.
وهي – أي سِنُّ الأربعين – لحظة مِفصليَّة تستوجب مُراجَعة شاملة للفكر والسلوك من أجل تصحيح الأخطاء، وتقويم الأخلاق، وتنقيح الأفكار، واستخلاص العِبَر من إخفاقات وعثرات الماضي.
قال الله تعالى واصفا حال المسلم حين يبلغها: (حتى إذا بلغ أشدَّه وبلغ أربعين سنة قال ربِّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين).
قال بعض العلماء: هذا توجيه لمن بلغ الأربعين أن يلزم هذا الدعاء.
وقال مَسروق: “إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخُذ حذره من الله”.
وقال ابن كثير في تفسير الآية: “هذا فيه إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يُجدِّد التوبة والإنابة إلى الله ويَعزم عليها”.

3- سِنُّ الستين: وهي أخطر مراحل العمر حيث يقول الله عز وجل لأصحابها المُنحرفين (أوَلم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير) والنذير قيل إنه الشيب، وقيل إنه الرسول.
قال صلى الله عليه وسلم: «أعذرَ اللهُ إلى امرئ أخَّر أجلَه حتى بلغَ ستِّين سنةً» رواه البخاري.
قال العلماء: أي لم يتركْ له عذرًا إذ أمهله هذه المدةَ، لأنَّ ستين سنة كافية ليتعلم فيها الجاهل، ويتوب المنحرف ويرشد السفيه، وينتبه الغافل، مع أن الحجة تقوم عليه من بلوغه ثمانية عشر عاما.
أرجو الله عز وجل بأسمائه العلى وصفاته الحسنى أن يُطيل في عمري وأعماركم مع الصحة والعافية والتوفيق للعمل الصالح، حتى نعوِّض ما ضاع من أعمارنا فيما يُرضي الله ورسوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى