قصة :ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻲ ﻭﺣﺮﻃﺎﻧﻲ ﻛﻴﻔﺔ !

ﻫﺬﺍ ﺣﺪﺙ ﺳﻨﺔ 1949 ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖُ ﻣﺴﺆﻭﻻً ﻋﻨﻬﺎ، ﺟﺎﺀﻧﺎ ﻗﺎﺽٍ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺴّﻦ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻣﺘﺪﺭﺑﺎٌ ﻭﻣﻠﻴﺌﺎً ﺑﻨﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻣﻔﻌﻤﺎ ﺑﻨﻴﺔ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻛَﻮﺍﺭﺛﻬﺎ، ﻭ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺗﺮﺟﻢ ﻟﻪ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺩﺍﺭ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺭﺟﻞٍ ﻣﺴﻦ ﺑﻴﻈﺎﻧﻲ ﺟﺎﺀ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺭﺟﻞٍ ﻛﺒﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﻣﺔ ﺃﺳﻮﺩ ﺍﻟﻠﻮﻥ .
ﺩﺧﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻜﺘﺐ ﺣﻴﺚ ﺷﺮﺡ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞُ ﺍﻟﻤُﺴﻦ ﺃﻥّ ﺍﻟﺮّﺟﻞ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻛﺎﻥ ﻋﺒﺪﺍً ﻟﻪ . ﻭﺍﻧّﻪ ﺟﺎﺀ ﻟﻴﺼﺤﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻳﺘﻪ ﻷﻥّ ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻷﻣﻄﺎﺭ ﻗﺪ ﺣﻞ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﻤﻠﻪ ﻟﻴﺒﺪﺃ ﺍﻟﺤﺼﺎﺩ .
ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥّ ﺳﺒﺐ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻫﻮ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﻪ ﻟﻺﺩﻻﺀ ﺑﺸﻬﺎﺩﺗﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﻴﻈﺎﻧﻲ ﻳﻌﺮﺽ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻴﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﻳﺸﻬﺪ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻓﺈﻥ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ ﺧﻴﺮ ﻟﻬﻢ ﻷﻥّ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻬﺎ .
ﻭﻛﻨﺖ ﻃﻮﺍﻝ ﺗﺮﺟﻤﺘﻲ ﺃﻻﺣﻆ ﺗﻘﺎﺳﻴﻢ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻤﺮّ ﻭﺗﺤﻤﺮّ ﻣﻮﺷﻜﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻓﻜﺎﻥ ﺳﻴﺘﻬﻢ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻌﺪﺓ ﺗﻬﻢٍ ﺃﻭّﻟﻬﺎ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻪ ﺑﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ، ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺰﻭﺭ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡُ ﻳﺪ ﻋﺎﻣﻠﺔ ﺩﻭﻥ ﺩﻓﻊ ﺍﺟﺮ ﻟﻬﺎ !
ﺍﻟﺒِﻴﻈﺎﻧﻲ ﺫﻫﺐ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﺩﻭﻥ ﺩﺭﺍﻳﺔٍ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺴّﺠﻮﻥ ﺣﻴﺚ ﺳﻴﻘﻀﻲ ﺑﺎﻗﻲ ﻋﻤﺮﻩ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻬﻢ ﻛﻬﺬﻩ، ﺛﻢّ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻤﺴﻦ، ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : ” ﺍﺫﻫﺐ ﺍﻵﻥ ﻓﺄﻧﺖَ ﺣﺮٌ ﻭﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞَ ﻣﺎ ﺗﺸﺎﺀ ﻭﻟﻦ ﻳﺮﻏﻤﻚ ﺃﻱٍ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺮﻳﺪ، ﺍﺫﻫﺐ ﺍﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺃﺭﺩﺕ “.
ﻛﺎﻥ ﺟﻮﺍﺏَ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ : ” ﺃﻧﺖ ﺗﻘﻮﻝُ ﺃﻧﻲ ﻟﺴﺖُ ﻋﺒﺪﺍً ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺮّﺟﻞ؟ ﻣﻦ ﺃﻧﺎ ﺍﺫﺍً؟ ﺃﻧﺎ ﺇﺫﺍً ﻻ ﺷﻲﺀ ! ﺇﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺃﺑﻲ ﻛﺎﻥ ﻋﺒﺪﺍً ﻷﺑﻴﻪ، ﻭﺟﺪﻱ ﻋﺒﺪﺍ ﻟﺠﺪﻩ ﻭﺍﺧﺘﻪُ ﺭََﺿﻌﺖ ﻟﺒﻦَ ﺃﻣﻲ ﻭﺃﻧﺖَ ﺗﻘﻮﻝُ ﺃﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖُ ﻣﻠﻜﺎً ﻟﻪ؟ ” ﺛﻢّ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤُﺴﻦ ﺍﻟﺒِﻴﻈﺎﻧﻲ ﻭﻗﺎﻝَ ﻟﻪ ﺑﺮﻓﻖٍ : ” ﻫَﻴﺎ ﺑِﻨَﺎ ﻟﻨﺬﻫَﺐ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ “!
ﻭﺫﻫﺒﺎ ﺗﺎﺭﻛﻴﻦ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻤَﺎﺭﻛﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻀّﺤﻚ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻓﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﺩﺧﻞ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺃﺳﻴﺎﺩﻩ ﻭﻋﺒﻴﺪﻩ ﻻ ﻳَﻨﺘﻤﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻋَﺎﻟﻤﻪ ﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺯﻣﻨﻪ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى