ترسيم اللغة العربية والإعلاء من مكانتها وطنيا ، هو مطلب شعبي ونص دستوري ملزم لا مجال للتلكؤ في تنفيذه أو عدم التقيد بمقتضاه حرفيا ، وبالتالي فإن الجدل حول هذه المسألة محسوم سلفا ، وما يجب علينا العمل عليه في الوقت الراهن هو ايجاد آلية مدروسة تضمن الحفاظ على هوية البلد الثقافية وفي نفس الوقت لا تحرم أبناء المجتمع من تعلم اللغات الحية المنتشرة عالميا وفي محيطنا الإقليمي مثل الفرنسية والانجليزية والاسبانية وغيرها.
أول خطوة يتعين القيام بها فورا هي تعريب الإدارة ، جميع المراسلات ، والاعلانات، والوثائق الإدارية، يجب أن تصدر باللغة العربية ، وكذلك خطابات المسؤولين الرسميين ومداخلاتهم في الاعلام والمؤتمرات لا بد أن تكون باللغة الرسمية تطبيقا للدستور الموريتاني ، وإذا استدعت الحاجة تكون هناك ترجمة باللغات الوطنية المحلية :البولارية والولفية والسنوكية.
الخطوة الثانية: تعريب التعليم ، وهي خطوة ينبغي ان لا تكون فجائية ارتجالية ، وانما توضع في سياق عملية اصلاح شاملة للمنظومة التعليمية تفضي في النهاية إلى اعتماد العربية لغة تدريس أولى مع إلزام التلميذ بالنجاح في الفرنسية والانجليزية كمواد أساسية لا يسمح له بتجاوز مرحلة تعليمية لأخرى دون التمكن من مستوى معين منهما. كما توضع خطة لتعليم لغاتنا الوطنية المحلية في المدارس الابتدائية لضمان إلمام جميع المواطنين بها الأمر الذي سيسهم أيضا في تعزيز اللحمة الوطنية.
الخطوة الثالثة هي التعاطي مع مشكلة الأشخاص المكونين أو المتعلمين بلغات اجنبية وخاصة اللغة الفرنسية ، اعتقد أن إعطاء دورات في اللغة العربية لهذه الشريحة لتمكينهم من العمل واختيار وظائف ملائمة لهم ، اسهل بكثير من تحويل المجتمع برمته الى لغة وثقافة اجنبية.
ويجب ان لا يغيب عن بال أحد أن لغة الاقتصاد والعلم والتجارة والتعامل على مستوى العالم اليوم، أصبحت هي اللغة الانجليزية ، وهذا ما جعل الكثير من الدول تعتمدها وتتخلى عن لغات أقل أهمية مثل الفرنسية ، وما قامت به دولة روندا في هذا الشأن خير مثال على ذلك.
أما مشروع ترسيم اللغات المحلية الذي ندعو إليه فهو مشروع وطني بامتياز ، ليس فيه أي اقصاء أو استهداف لشريحة معينة أو رفض عاطفي انفعالي للغات وثقافات مجتمعات أخرى ، وإنما هو تكريس للهوية الحضارية الدينية والاجتماعية المتنوعة للشعب الموريتاني، وإحياء للغاتنا الوطنية دون استثناء، واعطاء كل واحدة منها ما تستحقه من اهتمام ، كما أنه امتثال للدستور الذي هو المرجعية الأساسية الناظمة لتسيير شؤون البلد.
النائب لمرابط ولد الطالب ألمين