الجزء الخاص من خطاب الوزير الأول المتعلق بالتعليم

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب

تشكل تنمية رأس المال البشري شرطا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. من هنا تنبع المكانة البارزة التي يحتلها إصلاح النظام التربوي في برنامج فخامة رئيس الجمهورية، والتي تعكسها الأولوية المطلقة التي توليها له الحكومة.

ويتعلق الأمر بتأسيس مدرسة جمهورية يتطلع فيها جميع الأطفال والشباب الموريتانيين إلى مثل أعلى وطني، وتوفر لهم فرصا متساوية لاكتساب المعارف والخبرات التي تؤهلهم للمساهمة الفاعلة في عملية البناء الوطني.

ولهذا الغرض، سيعاد الاعتبار للتربية المدنية لشبابنا. فنحن نعاني من أزمة قيم عصفت بتعلقنا التقليدي بالمعرفة والثقافة، مشجعة بذلك تضييق الخناق على عادتنا الحميدة وتدمير منظومتنا العرفية للتضامن الاجتماعي. ولقد آن الأوان لأن نهب هبة قوية تتضافر فيها جهود الجميع من أجل إحداث انبعاث حقيقي للمواطنة وخاصة لدى شبابنا.. فهذا الانبعاث ضروري لكفاحنا ضد الظلامية والتزمت كما أنه يشكل وسيلة ناجعة لنشر المعرفة وإرساء التفكير العقلاني الكفيل بحماية المجتمع الموريتاني من كل أنواع الانحرافات.

وفي هذا الإطار، يجب أن نكون قادرين على أن نؤمن لشبابنا تربية مدنية تعزز لديهم روح المواطنة وتسعى، من بين أمور أخرى، إلى ترسيخ قيم التعلق بالوطن وبالوحدة الوطنية والشعور المشترك بالانتماء لأمة واحدة ووحيدة. وعليه، فيجب، من الآن فصاعدا، إدماج التربية المدنية في مقرراتنا المدرسية العمومية والخصوصية.

وفي هذا السبيل، ستطلق الحكومة هذا العام “المدرسة الجمهورية تحت شعار” مشروع الجميع للجميع”.

وتعمل الحكومةعلى اتخاذ الإجراءات التي يتطلبها التحضير لدخول مدرسي جيد، نعطي من خلاله إشارة الانطلاقة الفعلية لهذه المدرسة الجمهورية. وسينصب لاحقا على اتخاذ تدابير من شأنها أن تمكن، على المدى القصير، من وضع المعالم التي تضمن عبورا مدروسا نحو مدرسة تحقق الارتقاء الاجتماعي وتشكل بوتقة للوحدة والتماسك الوطنيين.

ووعيا من الحكومة بأن الإصلاح يقوم أولاً وقبل كل شيء على تسيير فعال للموارد البشرية، فستركز جهودها على سد العجز الكمي والكيفي الذي أظهرته نتائج التدقيق المنجز مؤخرا حول أعضاء هيئتي التدريس والتأطير. وفضلا عن ذلك، سيتم اتخاذ إجراءات ترمي إلى تثمين مهنة التدريس وتشجيع جودة الأداء والابتكار في هذا المجال.

وستعطى عناية خاصة لتوفير الكتب المدرسية، بالكميات والنوعيات الكافية لتغطية كل المواد المقررة، وذلك على الخصوص من خلال دعم الطاقة الإنتاجية للمطبعة المدرسية والاستفادة عند الاقتضاء من عرض القطاع الخاص في مجال الطباعة.

وعلى صعيد الاحتياجات في البنى التحية الناشئة عن الإصلاح، سيتم تسريع وتيرة العمل في مشروع بناء الحجرات المدرسية التي يتطلبها استقبال 133.372 تلميذاً في السنة الأولى يمثلون جميع الأطفال في سن التمدرس، كما سيتم البحث عن حلول مؤقتة لتعويض التأخر الكبير المسجل في إنجاز الأشغال نتيجة لتوقف النشاطات إثر ظهور جائحة كوفيد 19.

وفضلا عن هذه الإجراءات، وفي انتظار وضع حلول عامة، فسيتم تركيز الوسائل والجهود على إنجاح مرحلة نموذجية تخدم التطبيق التدريجي للإصلاح.

وبالفعل، فإن المقاربة التي تتبناها الحكومة لإنجاح الإصلاح التربوي، ستقوم على نهج متدرج، متعدد الفاعلين،تتضافر فيه تعبئة الوسائل البيداغوجية واللوجستية، مع انخراط ومساهمة جميع الجهات المعنية، ألا وهي مصالح الدولة اللاممركزةوالمنتخبون المحليون والمدرسون وآباء التلاميذ.

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب

إن تطوير وتثمين رأس المال البشري، وتحضير الشباب للشغل والاندماج، يستلزم تكوينا على المستويات الثانوية، والمهنية والتقنية، يكون ملائما ومحسنا.

وبالنسبة للمرحلة الثانوية، ستنفذ الحكومة خطة للتغلب على العجز الكبير في البنى التحتية وتوسيع القدرات الاستيعابية للمنظومة من خلال تشييد مدارسوفق نمط يفي بالمعايير المطلوبة.

كما سيتم التكفل بالاحتياجات من المدرسين من خلال إعادة هيكلة مدارس التكوين بصورة جذرية وتنفيذ خطة لدمج مقدمي خدمات التعليم الذين أثبتوا جدارتهم في الوظيفة.

ومن أجل تحسين البيئة المدرسية والظروف التعليمية للتلاميذ، سيتم اتخاذ تدابير دعم خاصة لصالح تلاميذ المناطق الريفية الفقيرة والأحياء الهامشية في المدنتشمل افتتاح أقسام داخلية، وكفالات مدرسية، وتقديم منح دراسية، الخ.

ومن جهة أخرى، ستتم مراجعة هيكلة وبرامج مدارس التميز لتحويلها إلى “مدارس نجاح” فعالة وشاملة سعيا إلى تعميمها تدريجياً. كما سيتم تعزيز قدرات المعهد التربوي الوطني في مجال إنتاج المضامين البيداغوجية والكتب المدرسية عالية الجودة.

أما بالنسبة للتكوين التقني، فستقوم الحكومة بإنشاء مدارس جديدة وإقامة شراكة مع القطاع الخاص لتمكين 40 ألف شاب من الاستفادة من تكوينات مؤهلة على مدى السنوات الأربع المقبلة، في تخصصات تلبي بشكل أفضل احتياجات سوق العمل؛ وذلك بغية الحد من البطالة وتقليص الهشاشة بين الشباب. وفي هذا الإطار، سيتم إنشاء:

– مدرسة للتكوين التقني والمهني الصناعي في نواكشوط؛

– مدرسة للتكوين التقني والمهني في مجال المعلوماتية والتجارة في نواديبو؛

– ثلاثة مراكز لتحسين كفاءات المكونين في قطاعات الصناعة والبناء والأشغال العامة والخدمات.

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب

إن الحكومة، وهي تدرك أهمية التعليم العالي والبحث العلمي كرافعتين أساسيتين للتنمية، عاقدة العزم على متابعة الإصلاحات التي بدأت في السنوات الأخيرة لتحسين الحكامة الجامعية وترشيد الموارد وتوحيد الممارسات من أجل مواءمتها مع المعايير الدولية، وتنويع وتحسين جودة التكوينات، ولا سيما العلمية منها والتقنية؛ هذا فضلا عن إنشاء أكبر عدد ممكن من مؤسسات التعليم العالي والمهني في ولايات الوطن.

وفي هذا الإطار، سيتم التركيزبوجه خاص على تنويع عروض التكوينات القصيرة والمؤهلة والتي تتيح للشباب الولوج بسرعة إلى التشغيل. ولهذا الغرض، ستعمل الحكومة على :

– زيادة القدرة الاستيعابية للمدرسة العليا متعددة التقنيات، وللمعاهد التابعة لها، بغية تلبية احتياجات القطاعات الجديدة وفتح شعبة امتياز في الرياضيات والمعلوماتية داخل هذه المدرسة؛

– فتح مدرسة للدراسات العليا التجارية، وإنشاء ثلاثة معاهد جديدة لمهن المستقبل، أي التقنيات الجديدة والتسويق والتجارة والإدارة؛

– زيادة قدرة المعهد العالي للدراسات التقنية بروصو ليتمكن من مواجهة تنامي الطلب على الوظائف عالية المستوى في قطاعات الزراعة والتنمية الحيوانية والأعمال التجارية والصناعات الغذائية؛

– الزيادة التدريجية للقدرات الاستيعابية لمدارس الدكتوراه، واتخاذ تدابير تحفيزية لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في تمويل البحث العلمي وخاصة التطبيقي منه؛

– إنشاء معهد عال لمهن الطاقة استباقا، من بين أمور أخرى، للاحتياجات من الأشخاص المؤهلين في أفق استغلال الغاز.

وبالإضافة إلى ذلك، ستتم متابعة وتعزيز الجهود التي تم بذلها بالفعل والنتائج المسجلة من أجل أن تحصل المدرسة العليا متعددة التقنيات خلال السنة المقبلة على الاعتماد في نظام شهادة المهندسين الفرنسي، تمهيدًا للحصول على الاعتماد الأوروبي.

وسيواكب كل هذه الإصلاحات والمشاريع الطموحة تطور سريع للقطاع الرقمي وبنيته التحتية.وفي هذا الإطار، تعتزم الحكومة تحسين النفاذ إلى الخدمات العمومية وضمان جودتها، عبر إنشاء وكالة وطنية لمعلوماتية الدولة، وتعزيز الأمن السيبراني بغيةتعزيز الثقة في المبادلات عبر الإنترنت.

وبما أن استخدام المنصات الرقمية على جميع المستويات، سواء منها المبادلات اليومية أو الخدمات أو البحث العلمي، غدا أمرا ملحا وضرورة يفرضها واقع اليوم، فستواكب الحكومة الشركات الناشئة وحاضناتالمشاريع المبتكرة العلمية والرقمية وتشد أزرها، من أجل تطوير الخدمات المقترحة على المرتفقين وخلق المزيد من فرص العمل للشباب.

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى