ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﻤﻠﺤﻮﻇﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﺍﻹﺳﺎﺀﺍﺕ

ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﻤﻠﺤﻮﻇﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﺍﻹﺳﺎﺀﺍﺕ/ محمدن ولد الرباني
ﻻ ﺷﻲﺀ ﺃﻋﻈﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺆﺫﻯ ﻓﻲ ﻧﺒﻴﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻻ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﻓﻴﻤﻦ ﺗﺮﺑﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﺿﻨﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺸﻬﻮﺩ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ، ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺐ ﺑﻜﻞ ﺟﺮﺃﺓ ﻭﻭﻗﺎﺣﺔ ﻣﻔﺘﺮﻳﺎﺕ، ﺗﺮﻭﻡ ﺗﻔﻨﻴﺪ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻧﺒﻴﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻝ ” ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﻭﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ” ﻭﻣﺎ ﺃﻋﻘﺒﻪ ﻣﻦ ﺇﺳﺎﺀﺍﺕ ﻭﺭﺩﺩ ﻣﻦ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ، ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻭﻋﺒﺮ، ﺗﺴﺘﻘﻲ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ” ﻻ ﺗﺤﺴﺒﻮﻩ ﺷﺮﺍ ﻟﻜﻢ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻟﻜﻢ ” ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﺍﻹﻓﻚ .
ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺳﻨﺴﺘﻌﺮﺽ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻤﻠﺤﻮﻇﺎﺕ ﺑﻐﻴﺔ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺣﺴﻨﻬﺎ ﻭﺍﺟﺘﻴﺎﺯ ﺃﻭ ﺗﺬﻟﻴﻞ ﺳﻴﺌﻬﺎ :
ﻛﺸﻔﺖ ﺃﺯﻣﺔ ﻭﻟﺪ ﺍﻣﺨﻴﻄﻴﺮ ﻭﻣﺎ ﺃﻋﻘﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺇﺳﺎﺀﺍﺕ ﻭﺭﺩﺩ، ﺃﻥ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪ ﻧﺎﺑﺘﺔ – ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺑﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺸﺔ – ﻗﺪ ﺗﺸﺒﻌﺖ ﺑﻤﺎ ﺷﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ ﻣﻦ ﺷﺒﻬﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﺧﺼﻮﺻﺎ، ﻭﻫﻲ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺗﻀﺎﻓﺮﺕ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺑﺮﻭﺯﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﺼﺪﻳﺮ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻹﻟﺤﺎﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﺇﺑﺎﻥ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ . ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻣﻦ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺗﺄﺛﺮﺍ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺭﻳﺎﺣﻪ ﺯﺍﻣﻨﺖ ﻋﺼﺮ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ، ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻣﺘﺪﺍﺩ ﺃﻭﺳﻊ – ﻻ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻠﻪ – ﻭﺗﺄﺛﻴﺮ ﺃﺑﻠﻎ .
ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺟﻴﻞ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻚ، ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻭﻣﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ، ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻐﺒﺶ ﻭﺃﻧﻤﺎﻃﻪ، ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﺎﺋﺐ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﻨﺎﺟﻠﺖ ﺃﺟﻴﺎﻟﻪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺃﻣﺮ ﻣﺎ، ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ .. ﺃﻭ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻟﻪ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺎﻟﺘﺤﺪﻱ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺗﺜﺒﺖ ﻟﻤﻦ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺇﺳﻼﻣﻪ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺣﻖ ﻭﻣﻨﺎﺳﺐ .
ﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﺃﻥ ﻳﺪﺭﻛﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻮﺍﻃﻒ ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ، ﻭﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺄﻗﻮﺍﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻣﺮﺽ، ﻓﻠﻴﻄﺎﻟﻌﻮﺍ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻌﺼﺮ، ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻹﻗﻨﺎﻉ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻨﺼﺮ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﻧﺼﺮ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ .
ﺍﺗﻀﺢ ﺑﺠﻼﺀ ﺃﻥ ﺗﻤﺴﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ – ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ – ﺑﺪﻳﻨﻪ ﺗﻤﺴﻚ ﻋﻤﻴﻖ ﻭﺻﺎﺩﻕ، ﻓﻘﺪ ﺗﺤﺮﻙ ﺑﻘﻮﺓ ﻭﻋﻔﻮﻳﺔ ﻭﺻﺪﻕ، ﺣﻴﻦ ﺃﺣﺲ ﺧﻄﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﻣﻘﺪﺳﺎﺗﻪ، ﺗﻤﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﻔﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺯﺓ ﻛﻞ ﺍﻷﻃﺮ، ﻛﻤﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺗﺒﺮﺅ ﺍﻷﺳﺮ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﺎ، ﺩﻟﻴﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﺳﺮﺗﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻣﺨﻴﻄﻴﺮ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺎﻣﻲ ﺗﻤﺜﻴﻼ ﻻ ﺣﺼﺮﺍ .
ﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺃﺑﺎﻧﺖ ﻋﻦ ﺧﻠﻞ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺨﺐ ﺑﻤﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻓﺘﻌﻤﻘﺖ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﺤﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﻤﻔﺎﺻﻠﺔ ﺣﻴﻨﺎ، ﻛﻤﺎ ﺃﺑﺎﻧﺖ ﻋﻦ ﻏﻮﻏﺎﺋﻴﺔ ﺟﺎﺭﻓﺔ، ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﺐ ﻭﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺺ ﻭﺍﻻﺗﻬﺎﻡ، ﺃﺳﻄﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺠﺎﺝ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻭﺍﻟﺮﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻛﻤﺎ ﻓﺘﺤﺖ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻟﻼﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﻭﺍﻻﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﻌﻘﺪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ .
ﺗﺠﻠﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺤﺴﻦ ﺃﺫﺭﻉ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺑﻮﺻﻠﺔ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮﻱ ﻭﺗﻔﻜﻴﻜﻪ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﺧﺘﻄﻔﺖ ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺓ، ﺑﺪﺀ ﻣﻦ ﺯﻋﻴﻢ ﺍﻷﺣﺒﺎﺏ، ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﻣﻲ ﺍﻟﺠﻨﺎﺏ، ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻔﺎﻇﻞ . ﻭﻣﻤﺎ ﺳﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻋﺪﻡ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﻭﺍﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺭﺍﺷﺪﺓ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻃﻒ ﺍﻟﻬﺎﺩﺭﺓ .
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺳﻒ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ ﺑﺰﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ، ﻳﺬﻭﺏ ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻭﺏ ﺍﻟﻤﻠﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻭﻳﻄﻔﻮ ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻔﻮﺍ ﺣﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﺣﺴﺐ ﺇﺷﺎﺭﺍﺗﻪ، ﻭﻟﺪﻯ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻪ، ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﺎﺩ ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺗﻠﻌﺐ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺎﺕ، ﻭﺗﺮﺷﻴﺪ ﺍﻟﻬﺪﻳﺮ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ – ﺃﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺒﺎﺀ ﺃﻥ ﺗﺴﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﺯﻣﺎﻣﻬﺎ ﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻭﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ – ﺗﺒﺮﺯ ﺑﻴﻦ ﻋﺸﻴﺔ ﻭﺿﺤﺎﻫﺎ – ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻋﻠﻤﻲ ﻭﻻ ﻧﻀﺎﻟﻲ .
ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻀﺢ ﺧﻠﻔﻴﺎﺗﻬﺎ، ﻭﻟﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺻﻌﺒﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺤﺒﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﺭﻏﻢ ﻣﺎ ﺷﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ، ﻓﻘﺪ ﺃﻓﻠﺢ ﻓﻲ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺍﻟﻮﺿﻮﺡ : ﺃﻥ ﻻ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻺﻟﺤﺎﺩ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ،
ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﻳﺨﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺎﺕ ﺳﻴﻌﻴﺶ ﻣﺬﻣﻮﻣﺎ ﻣﺪﺣﻮﺭﺍ، ﻭﺃﻭﻝ ﺷﺎﻧﺌﻴﻪ ﺃﻗﺮﺏ ﻣﺤﺒﻴﻪ، ﻛﻤﺎ ﺃﻓﻠﺢ ﻓﻲ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺮﻳﻊ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻻ ﻟﺒﺲ ﻓﻴﻪ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻲﺀ ﻫﻨﺎ ﻭﺟﺪﺍ ﻣﺨﺮﺟﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺨﺮﺝ ﻗﺪ ﺍﻧﺴﺪ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ .
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻴﻦ ﻟﻠﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ –ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺃﺋﻤﺔ ﻻ ﻓﻘﻬﺎﺀ – ﻻ ﻳﺤﺘﺎﻁ ﻟﻌﺮﺿﻪ، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﺷﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺷﺄﻥ ﻧﺨﺒﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﻨﻜﻮﺑﺔ، ﻣﻦ ﻣﺜﻘﻔﻴﻦ ﻭﺑﺮﻟﻤﺎﻧﻴﻴﻦ، ﻭﻣﺴﺆﻭﻟﻴﻦ، ﻓﻴﺒﺎﻟﻎ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﺎ ﺭﺁﻩ ﺗﻮﺟﻬﺎ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ، ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﺠﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ، ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﻓﻲ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺾ، ﻭﻟﻮ ﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ، ﺛﻢ ﺃﻭﻛﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ، ﻭﻟﻢ ﻳﺠﻬﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺗﺴﻮﻳﻎ ﻧﻘﻴﺾ ﺭﺃﻳﻪ، ﻟﻢ ﻳﺘﺠﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻮﻡ .
ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺣﻘﺎ – ﻭﻫﻢ ﻗﻠﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ – ﻓﺬﻟﻚ ﺻﺎﺩﺭ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻓﻘﻬﻲ ﺑﺤﺖ، ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﺗﻬﺎﻣﻬﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﺍﻟﻤﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻳﺪﺭﻙ ﺍﻟﻤﺄﺧﺬ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺿﺪﻩ، ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺮﻩ ﺇﻻ ﺟﺎﻫﻞ ﺃﻭ ﻣﺘﺠﺎﺳﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻧﻴﻦ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺍﻟﺘﻨﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﻗﺪ ﺗﺤﻤﻞ ﺑﻌﺾ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺮﺓ ﻗﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻨﻜﺮ ﺑﻪ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﻣﺬﺍﻫﺐ ﻣﻌﺘﻤﺪﺓ، ﻣﺴﻄﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻧﻬﺎ، ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺤﺎﻝ، ﻓﻐﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ .
ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﻓﻘﻬﺎﺅﻧﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻣﺨﺎﻃﺮﻫﺎ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﻗﻀﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ، ﻓﻤﺎ ﺗﺴﺎﺭ ﺑﻪ ﺍﺑﻨﻚ ﺃﻭ ﺍﺑﻨﺘﻚ ﺃﻭ ﻣﻦ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﻬﻤﺎ، ﻗﺪ ﺗﻔﺎﺟﺄ ﺑﻪ ﻳﺪﺍﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺳﻊ ﻧﻄﺎﻕ، ﻓﺘﺘﺤﻮﻝ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﺇﻟﻰ ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭﺍﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ، ﻭﺗﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﺍﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻁ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻋﺒﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ .
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﺗﺮﺻﺪ ﻭﻓﺠﻮﺭ ﻓﺎﺩﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ، ﻳﺘﻠﻘﻒ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻛﻞ ﺳﺎﻧﺤﺔ، ﻓﺘﻔﻴﺾ ﺍﻻﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﺑﺎﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ، ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺯﺍﻕ، ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﺟﺮﺓ، ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﺒﺎﺭ، ﻭﻣﻮﺍﻻﺓ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ، ﻭﻛﺄﻥ ﻫﺪﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺎﺕ ﻫﺪﻑ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﺒﻠﻎ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻮﺛﻖ ﺑﻪ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺐ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺃﻗﻼﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﻴﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﻗﻞ ﺑﻼﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻠﻮﻯ !
ﻭﺍﻛﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻫﺠﻮﻡ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ، ﻭﻣﺮﺍﻛﺰ ﺇﻧﺘﺎﺟﻪ، ﻣﻦ ﻣﺤﺎﺿﺮ ﻭﻣﻌﺎﻫﺪ ﻭﻣﺮﺍﻛﺰ، ﻓﻤﻦ ﺩﻋﻮﺓ ﻹﻏﻼﻗﻬﺎ، ﺇﻟﻰ ﺍﺗﻬﺎﻣﻬﺎ ﺑﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ، ﺇﻟﻰ ﺗﺘﺒﻊ ﻣﻦ ﻣﺮ ﺑﻬﺎ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ، ﻹﻟﺤﺎﻕ ﺗﻬﻤﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ، – ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﺨﺮﺝ ﺇﺭﻫﺎﺑﻴﺎ ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ – ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻣﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺪﺭﺱ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻉ، ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻛﻮﻛﻞ ﻳﺴﺪ ﻣﺴﺪﻫﻢ، ﻟﻤﺎ ﻳﺘﻴﺢ ﻣﻦ ﻏﺰﻳﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻄﺎﻟﺒﻪ، ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﺩﺡ ﺍﻟﺠﻬﻞ، ﻓﺎﻟﺸﻴﺦ ﻛﻮﻛﻞ ﻳﻮﻓﺮ ﺃﻋﺮﺍﺽ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻭﺍﻷﺩﻭﻳﺔ، ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ، ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻛﻮﻛﻞ ﻳﻌﺞ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﺑﺄﻧﻮﺍﻋﻬﺎ، ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﺒﺮﺍﺀ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﻴﻦ، ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻛﻮﻛﻞ ﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻬﻨﺪﺳﺎ ﻭﻻ ﻃﺒﻴﺒﺎ، ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﻋﺎﻟﻤﺎ .
ﺇﻥ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﻡ ﺃﻣﺮ، ﻭﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ ﻭﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ، ﺃﻣﺮ ﺁﺧﺮ، ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺨﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻗﺪ ﺳﺒﻘﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻣﻤﺎ
ﻳﻔﺨﺮﻭﻥ ﺑﻪ، } ﻭَﻋْﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻟَﺎ ﻳُﺨْﻠِﻒُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻋْﺪَﻩُ ﻭَﻟَﻜِﻦَّ ﺃَﻛْﺜَﺮَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﻟَﺎ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ ‏( 6 ‏) ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ ﻇَﺎﻫِﺮًﺍ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓِ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﻫُﻢْ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﺂَﺧِﺮَﺓِ ﻫُﻢْ ﻏَﺎﻓِﻠُﻮﻥَ ‏( {(7 ‏( ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻭﻡ 7-6 ‏) ، ﻓﺎﻟﻐﺎﻓﻠﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻫﻢ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻮﻥ .
ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﺤﺮﺝ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﺜﻠﻪ ﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ، ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻓﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺃﻏﻨﻰ ﻭﺃﻭﺳﻊ، ﻭﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺃﻋﻤﻖ ﻭﺃﺟﻤﻊ، ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﺮ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻣﺬﻫﺐ ﻣﺎ، ﻣﻬﻤﺎ ﺍﺗﺼﻒ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺮﺷﺪ ﻭﺃﺻﺎﻟﺔ ﺍﻷﺻﻮﻝ، ﻭﻟﻮﻻ ﺫﻟﻚ ﻟﻮﻗﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺣﺮﺝ ﻭﺿﻴﻖ، ﻭﻣﻦ ﻃﺎﻟﻊ ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺠﺎﻣﻊ ﻭﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ، ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻟﻜﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻜﺎﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ . ﻓﺤﻴﻦ ﻳﻀﻴﻖ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺃﻭ ﻳﻀﻐﻂ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺗﺘﺴﻊ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ .
ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺪﻭﻧﻴﻦ ﺑﺪﻭﺍ ﻣﺜﺎﻻ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ” ﺃﻣﺔ ﻻ ﺗﻘﺮﺃ ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺮﺃﺕ ﻻ ﺗﻔﻬﻢ ” ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺴﺎﺏ ﻣﻨﻘﺴﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺁﺭﺍﺀ :
ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﻭﻥ ﻟﺤﺪ ﺍﻟﺮﺩﺓ، ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺃﺻﻼ، ﻭﻳﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ، ﻭﺑﻜﻼﻣﻪ ﺍﺣﺘﺞ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ ﻭﻟﺪ ﺍﻣﻴﻦ، ﻓﻬﺆﻻﺀ ﻻ ﺗﺆﺛﺮ ﺗﻮﺗﺒﺘﻪ ﻭﻻ ﺇﺻﺮﺍﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪﻫﻢ، ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﺃﺻﻼ ﺑﻤﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﺑﻞ ﺷﺪﺩﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﻜﻴﺮ، ﻭﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﺟﺪﻳﺮ، ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﻄﻌﻦ ﻓﻴﻬﺎ .
ﺍﻟﻤﺘﺸﺒﺜﻮﻥ ﺑﻤﺸﻬﻮﺭ ﻣﺬﻫﺐ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺄﻥ ﺣﺪ ﺍﻟﺴﺎﺏ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﻟﻮ ﺗﺎﺏ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺕ، ﻭﻛﺎﺩ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻨﻔﻲ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺗﻮﻛﺄﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﻬﺎ .
ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺎﺏ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﻤﺮﺗﺪ : ﺇﻥ ﺗﺎﺏ ﺗﺮﻙ، ﻭﺇﻥ ﺃﺻﺮ ﻗﺘﻞ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﻣﺊ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ ﻭﻟﺪ ﺍﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﺤﺎﺟﺔ ﻭﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻁ ﻟﻮﻛﻴﻠﻪ .
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﻜﻤﺖ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ، ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍ ﻷﻥ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻳﺮﻓﻊ ﺍﻟﺨﻼﻑ، ﻓﻘﺪ ﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻤﺸﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﻀﺮ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ، ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺣﻤﻞ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻴﺪ ﻳﺤﻴﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ .
ﻟﻜﻦ ﻣﺪﻭﻧﻲ ﻭﻟﺪ ﺍﻣﻴﻦ ﻧﺎﺩﻭﺍ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺬﺭ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ، ﻷﻧﻬﻢ ﺭﺟﻌﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ، ﻛﻤﺎ ﺗﺒﺎﻫﻰ ﺇﻋﻼﻣﻴﻮ ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﺑﺮﺟﻮﻉ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ، ﻭﻛﻼ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻪ ﺯﻳﺪﺍ ﻓﻴﺴﻤﻊ ﺧﺎﻟﺪﺍ .
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺗﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﻨﻜﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﺗﻮﺑﺔ ﺍﻟﺴﺎﺏ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻬﺎ، ﺟﺎﻫﻠﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺩﺧﻞ ﻟﻠﺒﺸﺮ ﻓﻲ ﺍﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺻﻼ، ﺃﺣﺮﻯ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ، ﻓﻬﻞ ﻳﻘﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺟﻨﺎﺋﻴﺎ ﺃﻭﻻ ﻳﻘﺒﻞ؟
ﻭﺻﺪﻕ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ : ﻟﻮ ﺳﻜﺖ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻟﻘﻞ ﺍﻟﺨﻼﻑ، ﻭﺃﺯﻳﺪ : ﻟﻮ ﺧﺮﺱ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﻟﺸﺎﻉ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى