ﻟﺨﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﺳﻤﻰ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺰﻳﻦ ﺑﻬﺎ ﺍﻷﻧﺴﺎﻥ ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ، ﺃﻥ ﻳﻤﺪﺡ ﻧﺒﻴﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻋﻠﻴﺔ ﺃﺗﻢ ﺻﻼﺓ ﻭﺗﺴﻠﻴﻢ ، ﺍﺧﺘﺎﺭ ﻟﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻭﺇﻧَّﻚَ ﻟﻌﻠﻰ ﺧﻠﻖٍ ﻋﻈﻴﻢ ) . ﻭﻃﻴﺐ ﺍﻟﻔﻌﺎﻝ ﻭﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ ، ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻴﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺟﺒﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻤﻨﻴﻒ ﺍﺑﻮ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻟﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﺍﻟﺴﺨﺎﺀ :
ﺗﺮﻛﺖُ ﺍﻟﺴُﺮﻯ ﺧﻠﻔﻲ ﻟﻤﻦ ﻗَﻞَّ ﻣﺎﻟُﻪُ .. ﻭﺃﺳﺮَﺟْﺖُ ﺃﻓﺮﺍﺳﻲ ﺑﻨﻌﻤﺎﻙَ ﻋﺴﺠﺪﺍ
ﻭﻗﻴَّﺪﺕُ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﻫﻮﺍﻙَ ﻣﺤﺒﺔً .. ﻭﻣﻦ ﻭﺟﺪَ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥَ ﻗﻴﺪﺍً ﺗﻘﻴﺪﺍ
ﻛﻨﺖُ ﺃﻏﺒﻄﻪُ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺧﻠﻘﻪ ، ﻭﻫﺪﻭﺋﻪ ﻭﻛﺮﻣﻪِ ﻭﺗﻮﺍﺿﻌﻪِ ، ﻭﺳﻌﺔ ﺻﺪﺭﻩ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺎﺟﺎﺕ ، ﻭﺗﻜﺎﺩ ﻻ ﺗﺴﻤﻊ ﻣﺎﻳﻘﻮﻝ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻣﻊ ﺯﺍﺋﺮﻳﻪ ،ﺍﻧﻪ ﺃﺧﻲ ﻭﺻﺪﻳﻘﻲ ﻭﺟﺎﺭﻱ ؛ ﺍﻟﻤﺠﺘﺒﻰ ﻭﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺎﻝ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺛﻢ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺳﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ .
ﺻﺤﺒﻨﻲ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻃﺎﺋﺮﺓ ﺻﻐﻴﺮﺓ ، ﺍﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ( ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﻌﺘﺮﻭﺱ ) ﺷﺮﻕ ﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﻤﺎﺋﺔ ﻛﻢ ﻋﻦ ﻧﻮﺍﻛﺸﻮﻁ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ، ﻭﺗﺮﻛﺘﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ، ﻭﺧﺮﺟﺖ ﺑﻴﻦ ﻣﺴﺎﻛﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﻦ ، ﻭﺍﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﺄﻫﻠﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺫُﻫﻠﻮﺍ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻷﻗﺼﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﺻﺤﺮﺍﺀ ﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺎ ، ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻓﺮﺣﻴﻦ ﺑﻲ ﺃﻳﻤﺎ ﻓﺮﺡ ، ﻭﻛﻨﺖ ﺟﺎﻟﺴﺎً ﻣﻊ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻧﻮﺕ ﺻﻐﻴﺮ ﻭﻛﻨﺖ ﺍﻛﻠﻤﻬﻢ ﺑﺎﻟﻠﻬﺠﺔ ﺍﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺔ ( ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ) ﻭﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺮ ، ﻭﻟﻤﺎ ﺳﻤﻊ ﺣﺪﻳﺜﻲ ﻭﺍﻧﺎ ﺃﺭﺗﺪﻱ ﺑﺪﻟﺔ ﺳﻔﺎﺭﻱ ، ﺳﺄﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻨﻪ : ﻣﺎﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ ﺍﻟﻤﺘﺒﻴﻀﻦ ؟، ﻭﻳﻌﻨﻲ ( ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻭﺭﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻠﻬﺠﺔ ﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺎ ) ، ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ ﺑﻠﻬﺠﺘﻬﻢ ( ﺧﻞ ﻋﻨﻚ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺃﻧﺎ ﻣﺎﻧﻲ ﻧﺼﺮﺍﻧﻲ ) ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﺃﻧﻨﻲ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ، ﻓﺎﻧﻜﺐ ﻋﻠﻲّ ﺗﻘﺒﻴﻼً ﺗﺮﺍﻓﻘﻪ ﺩﻣﻮﻋﻪ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺗﺮﺣﻴﺒﻪ ، ﺍﻧﻪ ﺷﻌﺐ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻧﻬﻢ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻝ ﺷﺎﻋﺮﻫﻢ :
ﻳﺎﻗﺎﺋﻼً ﻃﺎﻋﻨﺎً ﻓﻲ ﺃﻧﻨﺎ ﻋﺮﺏٌ .. ﻗﺪ ﻛﺬﺑﺘﻚ ﻟﻨﺎ ﻟُﺴْﻦٌ ﻭﺃﻟﻮﺍﻥُ
ﺁﺳﺎﺩُ ﺣَﻤﻴَﺮَ ﻭﺍﻷﺑﻄﺎﻝُ ﻣﻦ ﻣﻀﺮٍ .. ﺣُﻤﺮُ ﺍﻟﺴﻴﻮﻑِ ﻓﻤﺎ ﺫُﻟﻮﺍ ﻭﻻ ﻫﺎﻧﻮﺍ
ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻷﺧﻲ ﺃﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺠﺘﺒﻰ ﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻘﺪ ﺍﻧﻘﻄﻌﺖ ﻋﻨﻲ ﺃﺧﺒﺎﺭﻩ ، ﻭﺷﻮﻗﻲ ﻭﺗﺤﻴﺘﻲ ﺍﻟﻰ ﺃﻫﻠﻲ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﺎﺩﻟﻮﻧﻲ ﻣﺤﺒﺘﻬﻢ ﻭﻏﻤﺮﻭﻧﻲ ﺑﻄﻴﺒﻬﻢ ﻭﻛﻨﺖ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻣﻨﻬﻢ ، ﺍﻧﻪ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﺍﻟﻤﺨﺰﻭﻥ ﻓﻲ ﺫﺍﻛﺮﺗﻲ …
ﺑﻘﻠﻢ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ : . ﻣﻮﻓﻖ ﺍﻟﻌﺎﻧﻲ