كيفه : المرابطون و السياسيون

انبرى خيرة فرسان الرياضة في البلاد مزهوين بملابسهم التي تتزين بلون العلم الوطني في يوم مشهود من شهر معلوم، و زحفوا نحو الميدان و كأنهم يرتلون “و من رباط الخيل”.

التقى المنتخبان على أرضية ملعب طالما تجاوزته الأحداث و تجاهلته الأيام ..كان الرهان على كسب ثقة جمهور هرم في انتظار تحقيق الحلم .. و كان وقع نعال الشباب يشي بقوة ضاربة و ثبات مطمئن، فلم يسقط لهم خف و لم ترتد لهم صولة . 
أزفت ساعة الحسم و اشرأبت الأعناق نحو الميدان ليتضح في رابعة النهار أن الفرق بينهم و الضيف علو الكعب .

كاد الجمهور يثور غضبا في الدقائق الأولى- و في الثورة تتضح الصورة أو تختلط الأوراق- في لحظة فارطة حين ابتدأ الخصم بالتهديف ليقول لسيد قصرنا الجاثم هناك بين المشجعين : لقد حققنا المعجزة التنموية “في بضع سنين” هنالك و نصنعها اليوم هنا أمامك في الرياضة .

لكن الله من على لاعبينا بهجمة قرأنا فيها أن إرادة الفريق لا تقهر و أن اليأس و الإحباط لا يصنعان الحدث و أن الإنتظار في طوابير الأمل هو محض الفشل و الندم .

جال لاعبونا و صالوا فانبت عقد التواصل بين البوتسوانيين و ارتدت هجماتهم و ارتبكت حساباتهم فلم يقو لهم ساعد و لم يقم لهم مارد.

تعالت الزغاريد في كل ركن من موريتانيا احتفاء بنصر مبين أراده الله للوطنيين الأحرار الذين لا تلهيهم أقوال السياسيين و لا أفعال العسكريين. إنهم الرياضيون وحدهم هم المتشبثون بأصالتهم و المكرسون أنفسهم لخدمة الوطن و المسخرون في سبيل ذلك كل وسائلهم المادية و المعنوية و طاقاتهم البدنية.

جابت الجماهير طرقات العاصمة مكللة بنصر من الله انتظره الشعب طويلا بعد أن كاد لسان الحال يقول “مسنا وأهلنا الضر” حتى في كرة القدم ؛ من هزائم تدثر المتسببون فيها دائما بمغالطات مفضوحة و نتائج هزيلة.

لقد من الله على لاعبينا باتحاد الصفوف و الجبهات و حسن توجيه الضربات فسددوا و أثخنوا، و ارتفعت رايات النصر خفاقة فوق كل بيت موريتاني أصيل يريد لمسيرة التنمية أن تنطلق و يتوقف قطار الفساد المهلك.

لقد ظل المنتخب مفخرة الجميع من معارض و موال و سيظل كما كان ؛ يجمع الضعيف و القوي و الفقير و الغني في مدرجات لا تعرف العنصرية و لا الطبقية و يبلسم في دقائق معدودة جراح المكلومين من عبث العابثين بموارد البلد.

و بما أن الأرض و الجمهور عززا أهليته للتأهل ، فقد كانت الاتحادية خلال السنوات القليلة الماضية خلية نحل، كل يقوم بدوره و الكل مشارك في بناء منتخب رياضي يعطي الهيبة و الكبرياء و الشموخ لوطن مزقته السنون.
.
فاز المرابطون بأقدام راسخة في عمق التاريخ، ثابتة الخطو نحو مستقبل زاهر تنشده كل نفس أبية تواقة للصحة و التعليم و الأمن و الاستقرار و الفوز بكأس الأمم.
فاز المرابطون و تركوا أهل السياسية يجرون أذيال الهزيمة من بيت إلى بيت و من حزب إلى حزب ، فقد بارت تجارتهم و تكدست في رفوف النسيان و باتت قاب قوسين أو أدنى من التلف و الضياع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى