هذه حقيقتي…/ سيدي ولد أحمد مولود

كثيرا ما يصنفني بعض النشطاء السياسيين على أنني أنتمي سياسيا لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، وهو تصوُّر مَجافٍ للحقيقة، ولعله مَبني على أوهام وحسابات خاطئة، بسبب موقف أو سلوك مُعين يجهلون خلفيته ودوافعه، لكن إذا عرف السبب ضعف العجب، كما يقال.

إن هذا التصنيف لأمثالي من الشباب شائع بين بعض اللبراليين أصحاب الثقافة الفرنسية لفراكفونية، وهو مبني على نظرة نمطية تلازم أذهانهم، حيث يَنمون إلى حزب تواصل كلَّ شخص مُحافظ يحمل ثقافة إسلامية أو درس في محظرة أو تخرج من معهد إسلامي، وهي نظرة حولاء، وفكرة عرجاء، فالقيم والعلوم الشرعية أشمل وأقدس من أن تكون حكرا على حزب سياسي يدعي الاصلاح.

كل ما في الأمر أنني أؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، وأؤدي أركان الإسلام الخمس، وأتجنب كبائر الذنوب، ومنكرات الأعمال، ما استطعت إلى ذلك سبيلا، ولكني لا أنتمي لحزب تواصل، ولم أتقلد فيه منصبا سياسيا من أي نوع، كما أني لم أعمل قط في أي مؤسسة من المؤسسات المحسوبة عليه، بل أحب أن أعيش حُرا، بعيدا عن الأيدولوجيا، وكلُ فكر يَدعي الحق ويحتكر الصواب.

أنظر بعيينين وأستمع بأذنين، كما خلقني ربي وأراد لي أن أكون، أتعامل مع الناس برحابة صدر وسعة أفق، وأستمع للجميع بإنصاف وإنصات، كما أعتبر تنوع المشهد السياسي ثراء إيجابيا من شأنه أن يرسخ القيم الديمقراطية ويُسهم في بناء دولة المؤسسات.

إن علاقتي بالحركات السياسية والمذاهب الفكرية مثل علاقة شاب مثقف يطالع في عدة مجالات، تارة يعجب بهذا المؤلف، وتارة يستحسن المنهج العلمي لذلك الباحث وأحيانا يستعذب كلام هذا المفكر.

لا أعتبر الأحزاب السياسية أعداء ألداء، ولا أتعامل معهم بوصهم قديسين مبرئين من كل عيب، كما أرفض شيطنتهم واعتبارهم بلاء مبرما وشرا مستطيرا، لأن هذه الأحزاب مرخصة من قبل وزارة الداخلية وتتلقى دعما سنويا من قبل الدولة، وبعض أعضائها منتخبون من قبل الشعب ما بين عمدة أو نائب في الجمعية الوطنية.

لا أميل إلى النقد الجارح والكلام البذيء كما لا أحب التزلف والتملق لأن صاحبهما يفقد المصداقية والموضوعية، فالأول ينفع خصمه من حيث أراد أن يضره، والثاني يضر مُحبه من حيث أراد أن ينفعه، وقد صدق الإمام علي حين قال (لا تصحب الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك).

أؤمن إيمانا عميقا بأن الأمة – أيَّ أمة – لا بُد لأفرادها من قواسم مشتركة مقدسة تجمع شملهم وتوحد صَفهم وتكون لهم صمَّام أمان من الفتن والنزاعات… ومقدسات الشعب الموريتاني تتجسد في الإسلام واللغة العربية، والحفاظ على الوحدة الوطنية، وتماسك النسيج الاجتماعي، لهذا لا بد من العض عليهما بالنواجذ.

أتعامل مع الناس بمختلف انتماءاتهم الفكرية والسياسية طبقا للقواعد التالية:

* كلٌ كلام يؤخذ منه ويرد… رأيي صواب يَحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.

* أحببْ حبيك هونا مَّا عسى أن يكون بغيضك يوما مَّا، وأبغض بغيضك هونا مَّا عسى أن يكون حبيبك يوما مّا) حديث شريف، وهذا ما يُعبر عنه الموريتانيون بقولهم “لا تبق حتَّ لعلَّ، ولا تكره حتَّ لعلَّ”.

* أزن الناس بميزان العدل والإنصاف، فلا أعتبرهم من الملائكة المقربين، ولا من مردة الجن والشياطين، بل أراهم جنسا بين جنسين: فمن مال منهم إلى الخير والفضيلة اقترب من جنس الملائكة، ومن مال إلى الشر والرذيلة كان أقرب إلى جنس الشياطين، لأن بني آدم جنس أودع الله فيه الخير والشر، فمن غلب خيره شره، فهو إنسان طيب، ومن غلب شره خيره فهو إنسان سيء.

* أعامل الناس طبقا للمبدأ الدبلوماسي الذي أسسه معاوية بن أبي سفيان (لو كان بيني وبين الناس شعرة لما قطعتها، فإن رخوها شددتها، وإن شدوها رخوتها).

هذه أهم ملامح توجهاتي الفكرية ونظراتي السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى