عربي بوست
طلبت الرياض من باريس الضغط على قطر من أجل منعها من امتلاك منظومة الدفاع الروسية المتطورة المضادة للطائرات.
وحسب مصادر لصحيفة Le monde الفرنسية، فرغم مرور عام على اندلاع الأزمة الخليجية، فإنه لا مؤشرات هناك على حل قريب للتوتر الحاصل بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، وهي الدول التي قررت قطع علاقاتها مع الدوحة منذ 5 يونيو/حزيران 2017.
وحسب معلومات حصلت عليها Le Monde، فإن المملكة السعودية بعثت برسالة لقصر الإليزيه، تؤكد فيها نيتها القيام بعمل عسكري ضد قطر في حالة امتلاك هذه الأخيرة -كما تنوي- منظومة الدفاع الروسية S-400.
السفير القطري في موسكو، فهد بن محمد العطية، كان قد أكد في شهر يناير/كانون الثاني 2018، أن بلاده عازمة على امتلاك المنظومة الصاروخية، التي تعتبر من أبرز الدفاعات ضد الصواريخ، وأن المحادثات مع الكرملين في هذا الخصوص سجلت تقدماً ملموساً، وبعد شهر من ذلك عبَّرت السعودية أيضاً عن نيتها امتلاك المنظومة نفسها.
في الرسالة السعودية للإليزيه، والتي كشف مضمونها لصحيفة Le monde مصدر فرنسي مطَّلع على الملف، عبَّر الملك سلمان عن انشغاله العميق بخصوص المفاوضات الجارية بين الدوحة وموسكو. كما عبَّر العاهل السعودي أيضاً عن قلقه من تهديد المجال الجوي السعودي في حال امتلاك قطر المنظومة الروسية.
حرب باردة
وفي هذا السياق، عبَّرت السعودية عن استعدادها الكامل لاتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بتدمير المنظومة وضمنها التدخل العسكري، وختمت رسالتها بطلب مساعدة الرئيس الفرنسي لمنع الصفقة والحفاظ على استقرار المنطقة.
ولم تعلِّق وزارة الخارجية الفرنسية على طلب التوضيحات الذي تقدمت به الصحيفة الفرنسية وكذلك السلطات القطرية، التي لم تردَّ إلى وقت نشر المقال.
وتتناسب التهديدات الواردة في رسالة العاهل السعودي مع أجواء الحرب الباردة، التي تمزق منذ نحو سنة مجلس التعاون الخليجي؛ بسبب اتهامات لقطر بدعمها الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط وتواطئها مع إيران العدو الأول للرياض وأبوظبي.
ورغم الحصار المفروض عليها، استطاعت قطر أن تتجاوز الأزمة بفضل إعادة ترتيب شركاتها العملاقة والاعتماد على مخزونها المريح من العملة الصحبة، واعتبرت أن الضغوطات التي يقوم بها شركاؤها السابقون في مجلس التعاون الخليجي تهدف إلى إذلالها وجعل السياسة الخارجية القطرية تتماهى مع سياسات الدوحة.
منع صفقة السلاح
وتشترط أبوظبي والرياط لرفع الحصار عن الدوحة أن تتخلى الأخيرة عن قناة الجزيرة التي تتهمها دول الحصار بالترويج لخطاب المنظمات المتطرفة في الشرق الأوسط، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية فوق الأراضي القطرية، والحد من علاقاتها مع طهران، وهي الشروط التي رفضتها الدوحة واعتبرها مساً مباشراً بسيادتها.
وقد دخل المسؤولون القطريون، المقتنعون بأنهم نجوا من اجتياح عسكري في يونيو/حزيران 2017، في موجة تسلُّح ضخمة، هدفها خلق التوازن مع الجيران؛ ففي النصف الثاني من 2017 وقَّعوا عقداً بـ5 مليارات يورو مع الإيطاليين، يتوصلون بموجبه بـ7 سفن حربية إيطالية، وعقداً ثانياً مع الولايات المتحدة بلغت قيمته 12 مليار يورو مع الولايات المتحدة للحصول على أكثر من 30 طائرة F-15، إضافة إلى صفقة رابعة مع بريطانيا لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز “Typhoon” بقيمة 5.5 مليار يورو.
وفي خضم حملة التسلح هذه، فإن امتلاك قطر منظومة S-400 الروسية يعد تحولاً كبيراً في المنطقة، فقد يسهم في حصول تقارب بين الدوحة وموسكو رغم اختلافهما في العديد من الملفات، وعلى رأسها الأزمة السورية، وأيضاً في إثارة قلق الأميركيين الذين يتوفرون على قاعدة عسكرية بقطر.
فهل يستطيع الأمير تميم إثارة غضب الحليف الضروري في الأزمة الخليجية؟ ففي يونيو/حزيران 2017 ومباشرةً بعد بدء الحصار، غرد ترمب على حسابه في تويتر، مشيداً بالخطوة الإماراتية-السعودية.
غير أنه في الأسابيع اللاحقة، وتحت ضغط البنتاغون ووزارة الخارجية، اتخذ البيت الأبيض موقفاً متوازناً من الأزمة بين الطرفين ومنع الثنائي -أبوظبي والرياض- من اتخاذ خطوات أكثر تطرفاً ضد الدوحة. ورغم مبادرات الوساطة التي قامت بها الإدارة الأميركية، ومبادراة الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت، فإن الأزمة ما زالت مستمرة بين الطرفين.