في اليوم الـ12 من رمضان وقعت أحداث تاريخية مهمة، أبرزها معركة البويب التي كانت بداية الفتح الإسلامي لبلاد فارس عام 13هـ، واسترجع سلطان مصر والشام بيبرس مدينة أنطاكية من أيدي الصليبيين عام 666هـ، ونزل الصيدلاني ابن البيطار للقيروان بحثاً عن نباتات وعقاقير طبية، وفتح العثمانيون ثغرة للدخول لمدينة فيينا النمساوية عام 1094هـ، لكن الحملة فشلت في النهاية.
معركة البويب وبداية فتح فارس
في الثاني عشر من رمضان 13هـ انتصر المسلمون في معركة البويب بين جيش الخلافة والجيش الساساني، وبدأ فتح بلاد فارس في عهد عمر بن الخطاب.
كانت الدولة الفارسية في أوج قوتها وانتصرت في العام نفسه على جيش الخلافة الإسلامي في معركة الجسر، مما زاد من اعتدادها بقوتها.
واستغرق الأمر من المسلمين عدة شهور لتجاوز ما جرى في معركة الجسر، وكاد الخليفة عمر بن الخطاب يُعرض عن استمرار الفتوح في بلاد الفرس ويُوقف إرسال الإمدادات، لكن المناوشات بين بقية جيش المسلمين بقيادة المثنى بن حارثة في الجسر والفرس عجَّلت بالمعركة الجديدة التي انتصر فيها المسلمون في البويب.
أرسل عمر بن الخطاب مدداً للمثنى بن حارثة، وحشد رستم 100 ألف فارس ونصفهم من المشاة والفيلة، وزحف الجيش الفارسي الجرار من المدائن إلى الحيرة لملاقاة جيش المسلمين.
لكن المثنى غيَّر مكان معسكره إلى البويب وعسكر بجنده غرب الفرات، ولحق الفرس بهم هناك.
ونجح المثنى في الاستفادة من الموقع الاستراتيجي قبل الالتحام؛ إذ جعل الفرس محشورين بين النهر وجيشه المقسم إلى عدة ألوية، وسرعان ما قاد المثنى ومجموعة من الفرسان حملة خاطفة على قائد جيش الفرس مهران ونجح جرير بن عبد الله (وقيل المنذر بن حسان بن ضرار الضبي) في إصابته وقتله، فتفكَّك جيش الفرس الهائل، واستطاع جيش المسلمين فصل ميمنته عن ميسرته والانتصار في معركة البويب.
وأمر المثنى بعد ذلك بملاحقة فلول جيش الفرس، وسيطر على أراضٍ فارسية كانت نقضت عهودها، وقتل وأغرق من جيش الفرس الضخم ما يقارب ثلثيه، بينما استشهد من جيش المسلمين قرابة 4000.
بيبرس يستردُّ أنطاكية من أيدي الصليبييين
في 12 رمضان 666هـ، تمكن السلطان المملوكي الظاهر بيبرس وجيشه من استرجاع مدينةأنطاكية من الصليبيين.
على رأس جيش كبير لم يعلَن عن وِجهته، خرج سلطان مصر والشام الظاهر بيبرس من القاهرة، قاطعاً فترة هدوء وسلام بين المسلمين والصليبيين في بلاد الشام، الذين ثبت لديه تعاون بعضهم مع الغزو المغولي الذي انتهى بعين جالوت.
تحرَّك بيبرس إلى الشام وهاجم قيسارية (جنوب حيفا) وفتحها في الـ8 من جمادى الأولى 663هـ-1265م، ثم فتح قلعة “صفد” الشهيرة شمالاً وحررها من الصليبيين، الذين تأثروا كثيراً بسقوطها، وسارعت بعض الإمارات الصليبية لطلب الصلح وعقد الهدنة مع سلطان المماليك في مصر والشام.
كانت إنطاكية الاستراتيجية (أقصى جنوبي تركيا الحالية) ذات مكانة خاصة؛ لقوة حصونها وتاريخها ووقوعها في ملتقى طرق التجارة البرية والبحرية، وظل الصليبيون يسيطرون عليها 170 عاماً حتى بعد تحرير إمارات القدس والشام ومعركة حطين.
استطاع بيبرس أن يعزل إمارة إنطاكية الصليبية وحرمها من المدد والمساعدة، ووصل بجيشه الذي خرج من مصر إلى غزة وأخضع “يافا” ثم رحل إلى طرابلس، واتجه بعدها إلى حمص ثم حماة، ثم إلى إنطاكية مباشرة بقيادته، لكنه لم يُطلِع أحداً على وِجهته الحقيقية؛ لضمان عنصر المفاجأة.
قسَّم بيبرس جيشه إلى 3 أقسام، اتجه أحدها لقطع الصلة بين إنطاكية والبحر، بينما حاصر الثاني المدينة من الشمال؛ لمنع وصول الإمدادات من أرمينيا الصغرى، بينما قاد بيبرس بنفسه القوة الرئيسية من جيشه وضرب حصاراً محكماً حول إنطاكية في أول رمضان 666هـ.
حاول بيبرس أن يدخل المدينة سلماً، لكن رفض الصليبيون التسليم، فشن هجومه في الرابع من رمضان وتسلق جيشه الأسوار ودخلوا المدينة، واستسلمت حامية القلعة له، وكانت غنائمهم كثيرة للغاية.
وكان سقوط إنطاكية أعظم فتح حققه المسلمون على الصليبيين بعد استرداد صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس.
ابن البيطار ينزل القيروان بحثاً عن الأدوية
في 12 رمضان 745هـ، نزل والصيدلي الأندلسي ابن البيطار إلى القيروان، في رحلة للبحث عن خواص بعض النباتات لاستخلاص الأدوية والعقاقير.
ويعد النباتي والعشَّاب ابن البيطار (593 هـ / 1197م – 646 هـ / 1248م) من أهم الصيدلانيين والمعالجين بالكيمياء في القرون الوسطى.
وزار المغرب والجزائر وتونس؛ والشام والحجاز ومصر؛ وسافر إلى الأناضول واليونان وبلاد الروم، في جولات بحثاً عن النباتات والعلاج بالأدوية والعقاقير الكيميائية، كما كان ابن البيطار رائداً في العلاج الضوئي الكيميائي، وألَّف في الصيدلانيات كتباً مثل “المغني في الأدوية المفردة”، و”الأقربازين”.
واستقر ابن البيطار في دمشق فترة من الزمن؛ لعمل أبحاثه حول العقاقير المستخلَصة من النباتات، وذهب لمصر وكتب فيها الموسوعة النباتية المسماة “الجامع لمفردات الأدوية والأغذية“، والتي وصف فيها أكثر من 1.400 عقار نباتي وحيواني ومعدني، منها 300 من صنعه، مبيناً الفوائد الطبية لكل واحد منها، ووضع مصطلحات عربية صارت معجماً للأطباء في زمانه.
“ما صحَّ عندي بالمشاهدة والنظر، وثبت لديَّ بالمخبر لا بالخبر أخذت به، وما كان مخالفاً في القوى والكيفية والمشاهدة الحسية والماهية للصواب نبذته ولم أعمل به”.
فتح ثغرة عثمانية في فيينا
في 12 رمضان 1094هـ، حققت القوات العثمانية انتصاراً كبيراً في “معركة فيينا” بفتح ثغرة للمدينة النمساوية المحصنة.
وقعت معركة فيينا في 12 سبتمبر/أيلول 1683م، وبعد حصار العثمانيين فيينا شهرين، ورغم تقدُّم العثمانيين في البداية فقد فشلت الحملة على فيينا وتراجع التقدم العثماني بأوروبا بعدها، بينما تصاعد نجم سلالة عائلة هابسبورغ النمساوية الحاكمة في وسط أوروبا..