من عادتي / جميل منصور

من عادتي أن أكتب مقالا مطولا في كل محطة من المحطات السياسية و

الانتخابية الهامة في مسار حركة النهضة التونسية و ذلك لاعتقادي أن هذه

الحركة تقدم تجربة تستحق التوقف سواء في أبعادها الفكرية التجديدية أو في

جوانبها السياسية حيث النضج و التطور والمرونة و على كل هذا تشهد الفترة

الماضية بكل صعوباتها و إكراهاتها و محطاتها الصعبة و الدقيقة و لكن يبدو أني

هذه المرة سأكتفي بهذه التدوينة مع أهمية و دلالة هذه المحطة في حياة

النهضة و بلادها 1 – لقد جاءت الانتخابات البلدية التونسية بعد تطورات بالغة

الدقة عبرها التونسيون بصعوبة فقد حاولت أطراف الثورة المضادة الداخلية و

الخارجية الإجهاز على التجربة الديمقراطية في مهد الربيع العربي و استعملت

لذلك كل الوسائل و لكن فضل الله ثم عقلانية النخبة التونسية و حكمة حركة

النهضة و مرونة رئيسها الشيخ راشد الغنوشي أنقذ المسار الديمقراطي في

ظرف كانت الأجواء الاقليمية و الدولية غير مساعدة و هكذا أجيز الدستور و

شكلت الحكومة التوافقية و نظمت البرلمانيات و الرئاسيات و بدأت الحالة

التونسية متجهة نحو الاستقرار .

2 – كانت حركة النهضة واضحة في مواقفها و تصريحاتها فالمهم عندها نجاح

التجربة و توافق أبناء الوطن و إنقاذ شجرة تونس في غابة من الصراعات و

الانقلابات و التراجعات ، و رغم مبالغة البعض في استهدافها و مع حرص أطراف

معينة على الحدية الإيديولوجية فقد حرصت النهضة على وطنية الخطاب و

رزانة الأداء و توافقية المواقف .

3 – أكدت حركة النهضة من خلال ترشيحاتها و حملاتها أنها حزب لكل التونسيين

و أن الصفة الإيديولوجية و حتى الانتماء النهضوي ليسا شرطا فيمن تقدم ،

فرشحت مستقلين و رشحت رجالا و نساء من أشكال مختلفة و رشحت رئيس

بلدية من طائفة اليهود التوانسة حيث وجودهم المكثف و هكذا

4 – حققت حركة النهضة نجاحا معتبرا لم ينغص عليه تراجع نسبة المشاركة

العامة على المستويين الوطني و النوعي فوطنيا تقدمت على الحزب الثاني (

نداء تونس ) بخمس نقاط و نوعيا تقدمت في أهم البلديات و علق أحدهم أن

النهضة كسبت في العاصمة السياسية ( تونس ) و العاصمة الاقتصادية (

صفاقس ) و في العاصمة العلمية ( القيروان )

5 – رغم هذا النجاح المعتبر بعد تراجع في النيابيات الماضية لم يغتر النهضويون

و تكلموا بمسؤولية و تصرفوا بتوازن و احتفلوا بحكمة ، و أكثر من ذلك كان

اهتمامهم منصبا على نجاح الانتقال الديمقراطي و التحول نحو الحكم المحلي و

لم يعتبروا هذه الانتخابات مؤشرا كافيا للحكم على البرلمانيات و الرئاسيات

القادمة .

على كل حال هنيئا لتونس ديمقراطيتها المتفردة في المنطقة و هنيئا لها

أرقامها و نسبها و تقارب مختلف الأطراف فيها فلا منطق الاكتساح كان و لا

النسب الانتخابية العربية ظهرت .

و هنيئا لتونس جيشها الذي ظل محافظا على طابعه الجمهوري و لم تغره لا

لحظات الثورة و لا أوقات التوتر ليتقدم الى السلطة و هنيئا لتونس نهضتها

العاقلة المتزنة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى