و أخيرا أعلنها بفعله ( و الفعل أبلغ من القول ) ؛ ولد الغوث جالس على مائدة
الحزب الحاكم نهارا جهارا غير متردد من سخط حزبه و غير آبه لكرسيّه اللذي
يشغر ه و ما قد يلحق من تجريد أو سحب منه بقوة القانون .
هناك رسائل عدّة يمكن أن نقرأها من هذا الخضور المفاجئ : أوّل رسالة هي
تلك التي موجهة إلى الخصوم ؛ و مفادها أنّ الرجل عازم على المنافسة و
المواجهة في الإستحقاقات المقبلة ؛ و لن يفرّ من ساحة المعركة ؛ و من يعوّل
على تهميشه سياسيا بسبب مغاضبته على النظام أو حزبه الحاكم ؛ فهو
واهم ؛ و بموقفه هذا المساء فقد زاد من رصيده لدى النظام ؛ ولبّى مطلبا
تقليديا عند شعبيته ؛ التي تسلّم بالمقولة الشعبية المشيخة التقليدية
لاتعارض.
الرسالة الثانية أنّه بحضوره هذا فهو يمهد لمرحلة مقبلة من المطالب سوف
يطرحها على الحزب الحاكم مثل نصيبه في البلديات و الجهويات و النيابيات ؛ و
لن يتنازل عن أيّ حقّ سياسي مهما صغر من كعكة المقاطعة.
حضوره هذا سوف يسبب قلقا و ضيق نفس شديد لخصومه السياسيين ؛
فالرجل أرهقهم من خارج حلبة الصراع للحزب الحاكم ؛ فكيف به اليوم و قد قفز
في وسطها يريد المبارزة.
حضوره هذا سوف يصبّ الزيت على النار في بلدية اغورط ؛ و المصافحة اليوم
التي وقعت بين الزعيمين محمد محمود ولد الغوث و سيد محمد عند مقر الحزب
الحاكم؛ لا تغرنكم ؛ فهي مصافحة رحم لا تصل حبل السياسة.
حضور النائب محمد محمود اليوم لهذا الإجتماع و قبله وقفة ‘‘ إرواية كيفه ‘‘ لا
نفهم منها سوى بداية الحملة الأنتخابية على مستواه الخاص و نرجّح أن تكون
المجالس الجهوية هذه المرة هيّ هدفه ؛ أو ترشيح حليف له لبلدية كيفه.
و الذي نجزم به و نلاحظه ـ و مهما قيل عن الرجل من خور سياسي كما يزعم
بعض خصومه ـ هو خطواته السياسية المدروسة و الثابتة فكلّها محسوبة و
مظفرة و صادمة لخصومه .
و من أجل فهم أكثر لحركات هذا النائب و خطواته المتوقعة ؛ فلا بدّ أن تعرف أنّه
من رجال ( المخزن الكبار ) ؛ فله خبرة خمسة عشر سنة في الأمم المتحدة ؛ و
كان سفيرا في واشنطن ؛ و رئيس حملة سيد ولد الشيخ عبد الله ؛ و لهذه
الأسباب سوف تستنتج أنّ الرجل كان يمارس عليه في الماضي التهميش
السياسي ؛ اللذي ثار عليه بترشحه نائبا في الإستحقاقات الماضية ؛ و لا مانع
الآ ن أن يكون مركز القرار متمثلا في شخص محمد ولد عبد العزيز قد إسترضاه
بشيئ ما ؛ فجاء ه مهرولا سافرا إلى حزبه.
و الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت.