فاجأ إعلان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عن عدم الترشح لولاية جديدة الموالاة والمعارضة على حد سواء، وفتح الباب للعبة سياسية جديدة.
لقد خلق ولد عبد العزيز بتأكيد عدم الترشح وضعية سياسية غير مسبوقة.
وأعلن أنه سيدعم مرشحا للرئاسة لم يحدده بعد. للمرة الأولى في تاريخ البلاد يبدو التداول السلمي على السلطة ممكنا. الأغلبية التي تيتّمت من قائدها تبدو وكأنها فاقدة البوصلة.
حاول البعض دون جدوى أن يعود الرئيس عن قراره. وآخرون من بينهم بعض قيادات الحزب الحاكم بدؤوا يغذون الطموحات ويشحذون التنافس داخل الحزب. وخسرت المعارضة أيضا، فمنع الرئيس من الترشح لولاية ثالثة هو وحده ما يوحدها.
من جهة أخرى فإن الرئيس لم يحدد بعد من سيخلفه.
لكن الذهول في المعسكرين لم يستمر سوى لفترة وجيزة، فقد أصبحت الأنظار موجهة للانتخابات البرلمانية والبلدية والإقليمية المرتقبة في سبتمبر المقبل. وينبغي التحضر لها.
في الأغلبية هناك صراع مستمر منذ أشهر بين الوزير الأول ورئيس الحزب والوزير الأول السابق ووزير الاقتصاد والمالية. صراعات قد تفسر المشاركة الضعيفة في الاستفتاء الأخير 53 بالمائة رسميا وهو ما أغضب الرئيس.
بالنسبة له فلا مجال لمثل تلك الممارسة في وجه الانتخابات التي تسبق مغادرته.
لن يكون هناك فراغ، يقول، فالأغلبية يجب أن “تواصل” عمليات التحديث والتنمية التي كان يقوم بها رئيسها.
لذلك وجّه أنصاره إلى التشمير عن سواعد الجد وشكل لجنة لبعث الروح في الحزب برئاسة وزير الدفاع جالو ممادو باتيا والتي نظمت أياما تشاورية بداية شهر مارس قدّمت عددا من المقترحات الإصلاحية.
فمن الضروري تقوية الحزب من خلال تحديث هياكله ودمقرطته وضخ دماء شبابية فيه.
كما أنه من المهم زيادة عدد المنتسبين والدفاع عن حصيلة الرئيس. لقد أطلق الرئيس الماكينة الانتخابية للأغلبية.
والمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة الذي يضم أبرز فصائل المعارضة ليس بالمرة أفضل حالا.
فهو لم يفلح في استغلال فشل الاستفتاء النسبي. وقد رسم الرئيس السابق للمنتدى أحمد سالم ولد بوحبيني صورة قاتمة لوضعية المعارضة في فبراير قائلا إنها وصلت لقمّة الفشل والإفلاس حيث لم تقدم أي شيء بسبب التصلب والراديكالية.
المعارضة أيضا تعاني من حرب بين الرؤوس والمقاطعة التي قادها ولد داداه همّشت المعارضة لصالح حزب تواصل الذي تمكّن من لعب ورقة مقاطعة المعارضة.
ويبدو أن المعارضة أن على المعارضة أن تتخلى عن خيار المقاطعة وتعد برنامج مشتركا يتجاوز انتقاد حصيلة سني ولد عبد العزيز. وقد استبعد رئيس المنتدى خيار المقاطعة في مؤتمر صحفي منتصف الشهر الجاري قائلا إن السؤال ليس هل ستشارك المعارضة أم ستقاطع بل كيف ستكسب مضيفا أن كل الخيارات على الطاولة.
وتحدّث كذلك عن تدهور الحريات والاعتقالات السياسية خصوصا اعتقال ولد غده ومتابعة الصحفيين وكذلك اعتقال عدد من أعضاء حركة إيرا.
قادة المنتدى حجوا إلى المناطق الداخلية وصولا إلى النعمة بأقصى الشرق للتضامن مع المواطنين ضحايا الجفاف هذا العام. زعيم حزب “تواصل” هاجم اللوبي الذي يحكم بالبلاد بالقوة ويريد الاستمرار داعيا إلى عدم إعادة إنتاج النظام الذي رفضه الشعب.
وستكون النيابيات أولى منعرجات هذه المعركة بين المعارضة والموالاة وستمكن من تحديد ميزان القوة بين الأطراف.
وستخضع الرئاسيات لنتائج هذه المعركة ولن يختار الرئيس خليفته قبل ذلك ليختار بين العقيد المتقاعد الشيخ ولد بايه المفاوض للاتحاد الأوروبي حول اتفاقيات الصيد والجنرال محمد ولد الغزواني قائد أركان الجيش الذي سيترك منصبه في أكتوبر المقبل.
ترجمة مركز الصحراء