من المسؤول عن أنقلاب 89 / محمدو بن البار

 

 

 هذه الكلمة أعتبرها توضيحا أو إثراءً لكلمة الدكتور بدي بن أبنو التي عنوانها لن ننسى.
و التاريخ لن ينسى و الحق لن ينسى تلك الكلمة التي أعتبرها موضوعية وهادفة ولكنها مقتصرة جدا و من أكبر ملاحظة في اختصارها أنها لم تذكر العقوبة الأخروية لأهل الجرائم ولاسيما جرائم سفك الدماء كما قال تعالى في شأن الظلمة في الدنيا { و ترى المجرمين يومئذ مُقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى

 وجوههم النار ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب}.
ومن جهة الأحداث المأسوف عليها بين الإنسانية ولاسيما بين المسلمين الذين لا تعرف ديانتهم خاصية في لون ولا لغة ولكنّ نزغ الشيطان بين بني آدم لن يتوقف حتى يأتي الظالم و قرينه الشيطان ليقول له آنذك يا ليت بيني و بينك بعد المشرقين فبئس القرين.
و توضيحا لتلك الأحداث فإني سوف أكتب إشارات قليلة لأسبابها و إرهاصاتها و المسؤول عنها و ما آلت إليه.
فأقول إن إرهاصات تلك الأحداث بدأت مباشرة تقريبا بعد انقلاب 6 مارس الفاشل فبعد ذلك الإنقلاب نشطت جميع الحركات القومية البعثية و الناصرية و الزنجية منتهزة فرصة الحكم العسكري الذي لا يفهم الحكم السياسي و طرق تسييره و مخابراته و نباهة المشرفين عليه لا يعلمه إلا قليل من العسكريين حتى في العالم لتناقضه مع تكوينهم العسكري ووضوح أوامره الخ.
وفي ذلك الوقت كان الرئيس محمد خونه بن هيداله هو رئيس الدولة و انتهزت الحركات القومية الفرصة عندما رأت هشاشة المخابرات آنذاك و اكتفت الحركة اليسارية بعد انقسامها  بالكيف دون الكم  وخلا الجو للقوميين للتحرك السياسي و هنا انتهزت القومية الزنجية فرصة هذا التحرك شبه المفتوح وكونت هيئتها  [أفلام] أو أقول أسست قواعدها.
و بما أن المخابرات الأمنية في الشرطة عليها أولا ضابط من الجيش زنجي وفي لأخير انفصلت الشرطة عن الأمن و ترأس الأمن ضابط من الجيش زنجي كذلك و عندئذ بدأت الاعتقالات الواسعة في الحركات القومية العربية خاصة التي تغلغل فيها الانتساب حتى دخل كل هيئة من لابسي الزي العسكري ومن ذلك الوقت بدأت القومية الزنجية لتحضير الإنقلاب ،ففي زمن هيدالة كان التحضير لهذا الإنقلاب خطواته سريعة لأن محمد خونة لم يلفت نظره إلا القوميات العربية لأن الأمن الزنجي آنذاك لا يقدم له إلا تلك الحركات حتى أحدث هو وزير داخلية مساعد وكان فيها إداري زنجي وهكذا عندما قام معاوية بانقلابه وكان على عكس هيدالة عنده نزعة قومية عربية و إن كانت طبيعته اليسارية لا تحرضه على المشي بسرعة مع القوميين العرب.
وفي وسط الثمانينيات أصبح الانقلاب الزنجي جاهزا فقد خطط له ووزعت مهامه و كان قد تغلغل في جميع عسكري زنجي ولاسيما الذي ينتمي إلى بولار بمعنى أن لغته الأم هي البولارية.
و بعد أن كان الإنقلاب جاهزا للتنفيذ تسربت أخباره إلى معاوية وقام بالإعتقال و تتبع خلاياه في الدولة و في الخارج و أوعز إلى جميع القواعد العسكرية بالقبض على كل متهم فيه.
و من هنا يجب أن نحدد المسؤولية ولاسيما نحن المسلمين : فالمسؤولية تارة تكون شخصية و تارة تكون أكثر من شخص بمعنى أن الآمر و المنفذ شريكين في المسؤولية إذا تجاوزت إلى بريء أو تجاوزت العقوبة حدها ولذا فعلى كل من قام بعقوبة أيا كانت أن يقدم نفسه في الدنيا قبل الآخرة ليبررها أو يقتص منه او يسامح فيها ، وهذه المسؤولية يشترك فيها الرئيس و المرؤوس بمعنى أن من قام بإعداد الانقلاب عليه مسؤولية ومن قام بالعقوبة أيا كان رئيسا آمرا أو مرؤوسا مأمورا فعليه المسؤولية دنيا و آخرى.
أما الكارثة الاخرى فتتمحض مسؤوليتها على الرئيس آنذاك ومن توجهت إليه أوامره وكذلك أغلب الولاة وأعوانهم العسكريين والأمنيين وهي غصب الأموال و التجريد من الممتلكات من غير حق شرعي ، فبعد أن قامت السنغال بتسفيرها ما فوق أرضها من كل من يتكلم الحسانية فقط دون غيرهم من الزنوج الموريتانيين فقد أفتى مؤرخون للدولة هنا بأن (الفُلان) في موريتانيا أصلهم كلهم سنغاليون وعندئذ أعطت السلطات الموريتانية آنذاك الأمر للولاة و أعوانهم من العسكريين والأمنيين بتجريد جميع الأموال من أهلها الذين ملكوها بعرق جباههم و أن تجمع عند شركة البيطرة في كيهيدي حتى تعود للدولة-
هذا التصرف و إن كانت السنغال فعلت مثله بالمواطنين فلا يجوز بأي وجه  من الوجوه فعله هنا في موريتانيا ، فالله تعالى يقول {ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا-إعدلوا هو أقرب للتقوى } ،ويقول {ولا تزر وازرة وزر أخرى } إلى أخر لأية.
هذا المال الذي أخذ آنذاك بالظلم و القهر و الغلبة على كل من انتفع منه ولو بمثقال ذرة فما فوق من والي أو عسكري أو رجل أمن أو أي شخص أن يردها الآن أو ثمنها لصاحبها ولو أخذها بأوامر الحكومة ، لأن الأوامر الحرام لا تنفذ و كتابة الأمر بالتنفيذ لفعل الحرام لا تنفع المأمور بل يشترك مع الآمر في الإثم يقول تعالى { وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها و كفى بنا حاسبين}
وملخص توضيح كلمة الدكتور بدي بن أبنو أن مسؤولية الأحداث على شقين :
أولا: شقها العسكري لم يشترك فيه إلا العسكريون فيما بينهم فهم المحققون و المعاقبون بدون أن يكون هناك أي تحرك لأي فرد من أي شريحة أخرى غير عسكرية.
وهذا مسؤوليته تقع في الدنيا و الآخرة على المخططين للانقلاب أولا و بعد ذلك على المسؤول الأول في الدولة وبعده على المأمور الثاني في أي قاعدة عسكرية أو سجن أو غير ذلك.
أما الشق الثاني فهو أخذ أموال افلان و إخراجهم من منازلهم و سلب ممتلكاتهم و مسؤوليته تقع على المسؤول الأول وكل من شارك في ذلك من عسكري أو مدني موظف أو غير موظف وعلى الجميع أن يتوب و يعيد ما أخذ لأصحابه قبل أن يأتي حاملا له يوم القيامة يقول للرسول صل الله عليه و سلم أغثني فيقول له لا أغني عنك شيئا قد بلغتك إلى آخر الحديث و المؤكد أن هذه الأحداث لم يشترك فيها إلا الدولة و أعوانها دون مشاركة أي مواطن آخر من أي شريحة بل وقع الحزن و الاستنكار من جيران الضحايا لهذا العمل ولكن الله يقول للظالمين { أسمع بهم و أبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى