من المتوقع أن يزور الرئيس الفرنسي بعضا من الدول الإفريقية و خاصة دولة
السنغال المجاورة؛ و من المعتاد أن يحلّق بعيدا عن الأجواء الموريتانية ؛ إمّا
خوفا او تهميشا أو طمعا في كسب مزيد من الإذلال لهذا المنكب القصي.
و من نافلة القول أن نقول أنّ فرنسا دولة إستعمارية؛ جلبت الويل و الخراب و
التخلف لكلّ مستعمراتها بما في ذالك موريتانيا.
و يكفيك أن تقارن بين مستعمرات أيّ دولة غربية مع مستعمراتها فسوف
تلاحظ الأزدهار و الرقي و الحضارة كأندونسيا و ماليزيا في جهة ؛ و التخلف و
الأنحطاط كمالي و موريتانيا على سبيل المثال في الجهة الأخرى.
إنّ تهميش موريتانيا من حفاوة المستعمر الفرنسي و زياراته و إن كانت لا تحمل
خيرا غالبا لمن يطأه؛ هي إهانة و أيّ إهانة لهذا الشعب و كيانه.
فتارة يتعمدون تجاوزنا إكراما لشقيقتنا المغرب التي تزعم أنّنا جزء لا يتجزأ من
كيانها؛ و تارة مناصرة لجارتنا السنغال التي تتبناها من سفاح الإستعمار و
يغيظها ما يغيظها؛ و تأبا جاهدة نمو شوكتنا الأقتصادية و السياسية و
العسكرية ولو كانت ليّنة بجنبها.
موريتانيا دولة مستقلّة و لها سيادتها و هذا ما ينبغي و إن لم يكن؛ و العرف
السياسي الدولي هو المعاملة بالمثل بين الدول و الأحزاب في علاقاتها .
فلماذا الأحزاب السياسية المعارضة قبل الموالية لا ينددون بهذا السلوك
المشين الذي درج علية بيت الأليزيه؟
ولماذا لا تتعكر قسمات وجهنا في القصر الرمادي أمام من يستخفّ به و
يعامله معاملة العبيد أو الحيوان؛ فلا يلتفت عليه إلّا حين يريد أن يركبه و
يمتطيه لسقاية مرتزقته أو غواية أعدائه أو مجالدة محاربيه؟
قد يقول قائل لماذا ترغب في زيارة الرئيس الفرنسي و أنت
تعرف أنّه مستعمر و متسلط و لا يجلب الخير و السعادة لأديم أرض يطأها.
نعم أعرف ذالك ؛لكنّي أعرف أيضا أنّهم يتعالون علينا ؛ و يتطاولون على
سيادتنا؛و ينظرون إلينا كالنمل ؛ و يكبر في قلوبهم أتصال هاتفي لرئيسنا و أيّ
كان ؛ ولزعماء أحزابنا؛ و مجتمعنا المدني؛ لنهرول إليهم بغبطة و سرور و بآذان
صاغية؛ وأكفف ممدودة؛ و صدور رحبة؛ فهم الأسياد و نحن كأنّنا الأذناب.
موريتانيا كانت أفقر بالأمس من اليوم في عهد المخطار ولد داداه رحمه الله
تعالي؛ و فرنسا كانت أقوى و أعظم بالأمس من اليوم في عهد ديكول.
لكن كانت موريتانيا أيضا ذات كبرياء و أنفة تجبر الجبابرة على الأنحناء لها مهما
طغوا و تطاولوا؛ و أن يركبوا المخاطر حتى يصافحوا رئيسها على رمال
بوتلميت؛ حيث رياح السموم و غبار الخيام؛ و معاني العزة و جبال الكبرياء.
نريد من رئسنا و أحزابنا و أهل الرأي فينا أن يفهموا أهل (اللإليزيه ) و من
وراءهم أنّ من يريد ودّنا عليه أن يترك أزدراءنا و الأستخفاف بنا ؛ و عليه أن
يتنازل من فوق أريكته و يجلس بتواضع على غبرائنا و تحت ظلّ خيمتنا؛ و إلّا
فعلى الصداقة السلام.