طموح الزعامة خلف الأزمة الصامتة بين موريتانيا و السنغال
فبراير 3, 2018
تعيش العلاقات بين موريتانيا والسنغال حالة من التوتر الصامت، بيد أن البلدين أعلنا عن مكالمة بين الرئيسين الأسبوع الماضي.
الخلافات على القيادة الإقليمية ليست وليدة اللحظة، ولكن تفاقمت منذ وصول كلا الرئيس (ولد عبد العزيز وصال) إلى السلطة، فلدى كل منهما نفس المزاج ونفس الطموح مع اختلاف السياقات.
غاب الرئيس الموريتاني عن منتدى داكار الدولي للسلام والأمن في أفريقيا الذي عقد يومي 13 و 14 نوفمبر 2017، ولم يمثله سوى سفير موريتانيا لدى السنغال. ردة فعل. فولد عبد العزيز لا يريد للسنغال أن تدخل في مجموعة الخمسة للساحل، خصوصا في ظل دعم الأميركيين لقوة مشتركة ستحمل محل قوة برخان.
بين البلدين، تتكرر مشاهد التوترات الداخلية، وهو ما يدفع لطرح المزيد والمزيد من الأسئلة حول مستقبل مشروع الغاز الذي سيبدأ استغلاله بشكل مشترك تحت رعاية شركة كوزموس للطاقة،حقيقة الاكتشاف، وأهميته، دفعت الشركة الأمريكية وشريكتها البريطانية بريتش بتروليوم للنضال من أجل اتفاق الشريكين سواء أرادا ذلك أم لا.
موريتانيا والسنغال عضوان مؤثران في منظمة استثمار نهر السنغال، وهي إحدى المجموعات الإقليمية القليلة التي تستمر في عملها رغم الأزمات المتعددة الأوجه. وتطرق موريتانيا من جديد باب المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي دفعته تقلبات السياسة والهوية العربية المضطربة، لمغادرتها في عام 2000، بحجة أن هذا البلد -الذي وصفه المختار ولد داده ذات يوم بأنه “همزة وصل” بين العالم العربي وأفريقيا- يريد أن يركز على بناء اتحاد المغرب العربي. وهي منظمة أنشئت في عام 1989 ولم تتقدم خطوة واحدة بعد بسبب الخلافات بشأن قضية الصحراء الغربية.
إن أسباب التفاهم وحسن الجوار عديدة، ولكن الشكوك والظروف التي ولدتها أحداث عام 1989 بين البلدين، لا تزال تلقى بظلالها هنا وهناك. وفيما يتعلق بالقضايا الداخلية، فهناك أزمة الصيادين السنغاليين في موريتانيا، الذين أُخرجوا من موريتانيا فبراير 2017، وكذلك احتضان السنغال للمعارض الموريتاني بيرام الداه اعبيد رئيس حركة إيرا. وعلى الصعيد الخارجي، أظهرت الأزمة الغامبية للعالم حجم التباينات بين داكار ونواكشوط. ففي موريتانيا تنتشر الدعاية الرسمية لتسليط الضوء على “انتصار” الرئيس عزيز، صديق يحيى جامي، حيث أقنعه بترك السلطة، في حين أرسل ماكي صال قواته إلى غامبيا للإطاحة بدكتاتور بانجول.
قد يكون للعلاقات “الباردة” بين موريتانيا والسنغال عواقب وخيمة على استغلال حقل السلحفاة المشترك بين البلدين، وسيتعين على الشركة الأمريكية أن تمارس قدرا كبيرا من الدبلوماسية وأن تستخدم جميع وسائل الإقناع، حتى يتفق البلدان على ترك خلافاتهما السياسية جانبا من أجل تحديد موقعهما الاستراتيجي الجديد.
وكانت كوزموس قد نجحت في تجاوز المرحلة الحاسمة من اتفاق الاستخدام المشترك، ولكنه يواجه جدار سميكا عندما يتعلق الأمر بمعالجة مسألة المرافق البرية التي ستقيمها الشركة من أجل استغلال احتياطيات الحقل. ومع ذلك، فإنه ليس أمام البلدين سوى الاتفاق على استغلال المشروع الذي سيسهم في نمو الاقتصادين السنغالي والموريتاني، في وقت هما في أمس الحاجة إليه لتجاوز الأزمات الاقتصادية والمالية التي تواجه كلا البلدين.