أخترنا لكم هذا المقال

قررت وزارة التعليم العالي مؤخرا حد عمر مترشحي الباكلوريا ب 23 سنة وهو

استهداف واضح لطلبة المحاظر. واليوم تطالعنا المواقع باتفاق وزارة التشغيل

مع الولايات المتحدة في تكوين طبقة “هشة” من الشباب كخريجي المحاظر

وهو تحجيم كبير وظلم لمن قضى عمره في تحصيل العلم ليجد نفسه في

نهاية المطاف يسير في طريق مسدود أو بانتظار مستقبل يلغي كل جهده

ويستبدله بتخصص وتكوين غاية في الهشاشة. فهل هي سياسة حكومية

ممنهجة

أم أنها خطوات منفردة لم يستوعب أصحابها قيمة العلم الشرعي وغرتهم

معرفتهم المتواضعة بلغات الروم فأعمتهم عن هويتهم وقادتهم إلى مهاوي

السقوط؟

هنا أقول لمن سينبري هجوما علي وتشكيكا في خلفيتي أنني لست من

خريجي المحاظر وأتقن بعض لغات الروم وحاصل على شهادة عليا في حقل

ربما هو الأبعد من الأدب والشريعة، مع الأسف، ولست البتة مأدلجا وإنما

انتفض إنصافا وتنبيها.

في الحقيقة كنت أتوقع أن أسمع أن الحكومة بنت مدارس متخصصة لتأطير

وتوجيه خريجي المحاظر ومدتهم بأدوات التحليل والبحث والاستنتاج ليكونوا في

طليعة الباحثين الشرعيين. أو أنها أطرتهم، كما يفعل المغرب، ليكونوا أئمة في

بعض دول الخليج، أو أنها وقعت اتفاقات مع دول إسلامية غير ناطقة باللغة

العربية من أجل مدها بمعلمين من خريجي المحاظر، أو أنها على الأقل

استجابت لطلب المفكر “باي بيخ” الذي طالب بتزويده بعدد من خريجي

المحاظر من أجل أن يزدهر الصيد على أيديهم لأنه بكل بساطة يريد أن يستفيد

من ميزة الصبر لديهم.

لم لا يتم استخدامهم كمرشدين اجتماعيين أو محاضرين في السجون التي

اكتظت بالفسقة والمجرمين؟ لم لا يتم استخدامهم في حملات حكومية للأمر

بالمعروف والنهي عن المنكر وقد ازدهر أيما ازدهار؟

ثم لماذا يصر النظام على احتقار العلوم الشرعية والعربية وهي نقطة قوة

شنقيط ، ويوسع دائرة الاحتقار إلى كل العلوم الإنسانية زعما منه أنها لا تتلاءم

وحاجة السوق؟ إنه الفشل المدوي.

ما فائدة دكتور في الرياضيات أو في الفيزياء غير التدريس؟ وما فائدة مهندس معلوماتي لا يستطيع كتابة برنامج جديد؟ ثم مافائدة كل الشعب العلمية إذا كان كل أهلها لن يبدعوا أبدا؟ أو ليس المأخذ الأساسي على طلبة المحاظر أنهم لا يجيدون الفرنسية؟ فكم نسبة من يجيد الفرنسية من غيرهم؟ وما فائدة إجادتها أصلا في عالم “مؤمرك”؟

ألسنا في حاجة ماسة إلى مدرسين وأساتذة في كل مدارس البلد؟ كيف نفشل في توفير مدرس ابتدائي للغة العربية في حين أن لدينا من يحفظ القرآن وألفية ابن مالك ومتونا أخرى؟ ألا يكفيه تكوين ثلاثة أشهر في علم النفس  ليكون مدرسا ناجحا؟ ألم يكن من الأجدر أن نفرد السنوات الأولى من الابتدائية

لدراسة القرآن والعربية وندمج هذا العدد الهائل من الطاقات؟

أليس تبذيرا وتبديدا للطاقات أن نضرب كل علوم هؤلاء الرجال التي جمعوها

على مدار سنوات لنبدله بتكوين على “وورد” أو على طريقة تركيب مصباح؟

أليس هذا سخافة ومسخا ثقافيا ودينيا لا أدري إن كان من اقترحه قد سمع

بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”؟

إننا بحاجة ماسة إلى مراجعة الذات وتبني نهج قويم يعتبر الإنسان هو وسيلة

وغاية التنمية يقيم ويحين مخزون الطاقات البشرية وينزلها منازلها ويشجع

العلم والتعلم بكل صنوفه، وينصف  الناس ويعدل بينهم.

سيد أحمد دحمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى