يا سيادة الرئيس ضاحك أم مجيب ؟

 في الآونة الأخيرة لوحظ تسلل مذكرات التحويل إلى العاصمة إنواكشوط خفية من ولاية لعصابه؛ حيث استفاد منها عدّة معلمين و من شعبة العربية خاصة؛ المتراكمون هناك.

كما لوحظ ترقية معلمين آخرين إلى إدارة المصادر البشرية أو إلى مراقبي ساحة في مدارس العاصمة ؛ و من الغريب أنّ هؤلاء كانوا من بين المفصولين الذين تمّ استردادهم أخيرا إلى سلك التعليم.

و من المعلوم ضرورة أنّ وزارة التهذيب عاجزة عن استغلال مخزونها من المصادر البشرية؛ و لا أدلّ على ذالك من مذكرة استرداد المعريين إلى الوزارات الأخرى في السنوات الماضية؛ والتي وئدت يوم نشرها في عهد الوزير السابق؛ فدفنوها في مقبرة المفرّغين عند الإدارات الجهوية؛ و كانت مراسيم الدفن تحت إمرة وزارة التهذيب حينئذ ؛ و بأمر منها؛ خشية أن يحدثوا لها بلبلة.

و أحداث ولاية الحوض الغربي الأخيرة كانت أيضا خير شاهد على عجز وزارة التهذيب ؛فقد كانت مذكرة المدير الجهوي هناك جريئة و ثورية لو أنّها خلت من شوائب أجهضتها في المهد؛ فقد تحاشت المفرّغين جبنا؛ وعصفت بالعاملين في الميدان ظلما؛ مما أصدمها بالنقابات؛ و الطامة الكبرى خذلان الإدارة الإقليمية لها؛ التي رجّحت الجانب الأمني في المذكرة على الجانب التعليمي؛ و الحوصلة من المذكرة الآن كانت زيادة المفرّغين بسبعين بدلا من نقصهم.

و هنا يحقّ للموظف عموما و خاصة سلك التعليم منه أن يتساءل عن فائدة المواظبة و الانضباط في العمل؛ إذا كانت الترقية لا يتحف بها إلا من له تمرّد أو تفريط أو هارب عن مكان عمله؟.

وما هي فائدة المواظبة و الانضباط إذا كان معيار التحويل يتمّ على أساس القبلية و الجهوية و الوجاهة و الرشوة و بتكتم شديد تارة؟.

إنّ النظام الحالي لا يعتبر التعليم أولوية ؛ و جميع حكوماته المتعاقبة كانت تزيد المشكل و لا تسعى في حلّه ؛ والدليل على ذالك زيادة عدد المفرّغين ؛ بل أكاد أجزم أنّ رئيس الدولة يعرف من حاله ما يذهل السامع من خلال عيونه المبثوثة ؛ لكنّه قطعا يهمله أو يمهله إلى حين.

لكننا في الحالتين الآن نطالب و على وجه السرعة سيادة الرئيس بثلاث صارت تهدد تماسك هذا الوطن العزيز :

ـ أولا وقف جميع مذكرات التحويل السرية و خاصة التي منها على أساس قبلي أو جهوي أو طائفي؛ لأنّها تضرم العصبية ؛ و تشعل الحميّة؛ و تؤجج العنصرية البغيضة فينا.

ـ ثانيا وقف جميع الترقيات الهزلية التي تثبّط العزائم؛ و تبعث الضغائن؛ و تنشر الأحقاد بيننا.

ـ ثالثا استرداد جميع الموظفين السائبين إلى الميدان أو فصلهم بقرار صارم لا رحمة فيه؛ و ضخّهم في مكان العقدويين الذين أفاضوا على التعليم فسادا؛ و الخزانة استنزافا.

بهذا القرار يكون رئيس الدول أحيا الآمال في التعليم؛ و استنصر للضعفاء؛ و حمى الأجيال من ضياع واقع محتوم يهددها الآن من وزارة التهذيب.

يا سيادة الرئيس إنّهم ضحكوا حين كاتبتك بهذا؛ فهل أنت ضاحك أم مجيب؟.

غالي بن الصغير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى