هل اقتبس الإسلاميون الجدد من مراوغة الكادحين و القوميين القدامى

عشية مسيرة المعارضة التي سوف تدعو لها السبت؛ و مع دنوّ المؤتمر الثالث لتواصل؛نحبّ أن نسلّط الضوء  قليلا على مسيرة عملاق  تارة يجد نفسه مسلوب الحرية؛ فيصير غريبا في وطنه كالبدون؛ و تارة يحد من يمنّ عليه بها فيصير(تواصل ) أو الإسلاميين كما يحلو للبعض أن يصفهم.

فقد لوحظ في العقد الأخير تغيير جذري في إستراتيجية الإسلاميين الموريتانيين و طريقة تعاطيهم مع الأنظمة المتعاقبة على الحكم.

فقد تمسكوا بالمشاركة في الحكومة في عهد سيد ولد الشيخ عبد الله بل نافحوا عنه أمام ضربات العسكريين حينئذ من خلال قوّاهم الناعمة كالإعلام و البرلمان؛ و ذهبوا معه حتى آخر رمق وهو يعلن استقالته الطوعية.

و مع هذا التشبث و الاستماتة أمام العسكريين ؛  كان الإسلاميون هم أوّل من غيّر اتجاه البوصلة نحو الحكام الجدد للقصر الرمادي بعد الفترة الانتقالية؛ فشاركوا  معه في الاستحقاقات المتلاحقة التي كانت زلزالا صدّع جدار خصومهم و كشف عن وهن بيوتهم.

فبدلا أن يستكبر الإسلاميون و يرفضوا نتائج الانتخابات التي كانت باؤها تطير على حدّ قول زعيم المعارضة حينئذ؛ و يتمسكوا بعنادهم الأصيل مع ما هو منها مقبل؛ لأنّهم كانوا لا يرضون التلاقي مع المستبدّ ولو كان مقبلا تارة على نفس الطريق؛فالمفسدة فيه أعظم من المصلحة .

فبدلا من هذا  يبدو أنّ التكتيك قد تغيّر لدى القوم؛ ورسموا خارطة طريق جديدة للمستقبل بأناملهم أو في أذهانهم؛ و الظاهر أنّ أوّل بنودها: الاعتراف بنتائج تلك الانتخابات؛ و من تاريخها سوف يزاحمون القوميين و الكادحين في لعبتهم  القديمة  الجديدة مع الأنظمة العسكرية المتعاقبة؛  و روح تلك اللعبة انّ معارضتنا لا تريد التغيير للأنظمة المستبدة بقدر ما تريد المشاركة.  

و من ذالك اليوم لوحظ أنّ الإسلاميين في موريتانيا رفعوا شعار( ما لايدرك كلّه لا يترك كلّه)؛فصاروا من المعارضة يحتلّون الصفوف الأمامية؛من خلال المسيرات و المظاهرات و الاحتجاجات و النضال الدءوب ليل نهار.

و في نفس الوقت يحتلّون من الموالاة للنظام الصفوف المتقدمة كالمشاركة في الانتخابات  البرلمانية و البلدية  و زعامة المعارضة؛ و بهذا يشرّعون للنظام وجوده؛ و يقدمون له أكبر هدية  سوف يسوّقها دوليا : دولة ديمقراطية تحوز فيها المعارضة بنصيب .

و هذه  لعمري نفس الهدية التي قدمتها  يوما  من الدهر يدا القوميين و يدا الكادحين للأنظمة المتعاقبة من العسكريين على هذا الشعب.

لا فرق إذن بين نضال أحزابنا اللبرالية منها  و الإسلامية  على الأقلّ في هذه المرحلة؛ سوى أنّ الأخيرة منهما لها الجرأة التامة على الجهر بمواقفها ؛ و لو كانت عصية على الهضم عند مناضليها قبل رفقائها في الدرب؛ كما أنّ  لهم  كذالك مشروعا و هدفا واضح المعالم عند أنصارهم.

غالي بن الصعير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى