محصول ( مهرجان لعصابه الثقافي )
إنّ انحسار فهم الثقافة في أغاني صاخبة مسجلة تدور في آذان أبواق ضخمة غالبا ما يفضل مثلها عند المهرجانات الكبيرة و الحشود الغفيرة لمصيبة كبيرة عمّت بها البلوى في ولاية لعصابه.
تجدها أبواقا تنادي الأطفال والمارة والغوغى و الباعة و هواة التطفل و اللعب و المرح ؛ مما يقاعس عنها عمائم الأرض وأخمرها ؛ و سلاطين الفنّ و أمراء الشعر و سدنة مزامير داوود عليه السلام؛ فتصير فيها العمامة بلا أبّهة ؛ و الفنّان بلا ريشة ؛ و الشاعر بلا قافية ؛ و العازف بلا مزمار في مواسمها الثقافية ؛ و مهرجاناتها الحولية.
إنّ غياب الدعاية لأيّ مهرجان مهما كان؛ سوف يثير فيك الحيرة قطعا و الاستفهام ؛ فلا مقابلات إذاعية تطبّل لها ؛ و لا إشهرات إلكترونية تروجها ؛ و لا لافتات مرفوعة تدعو لها ؛ بل إنّ القصاصات التي لا تحتاج إلى تكلفة مادية تكون غائبة أيضا عنها.
فكيف ـ إذا كان الحال على هذا ـ نعوّل علي مثل هذه المهرجانات في استقطاب نجوم الثقافة في الولاية ؛ واستخراج التراث ؛ و استذكاء المواهب ؛ و هي في صمت دعائي مطبق أو كأنّها في مأتم جماعي مشفق.
إنّ مهرجان لعصابه الثقافي الذي انطلق في نسخته الثالثة في بلدية أغورط يوم 20 ـ 12 ـ 2017 م ؛ ورغم هنّاته ؛ قد حقق نجاحات عدة على مدى ثلاث سنين ؛ فكان منها:
ـ قدرته الفائقة و المذهلة في حشد الجهات الرسمية لمراسيم الافتتاح في بلدية أغورط.
فقد حضر الوالي و حاكم المقاطعة و العمدة محفوفين بقادة الفرق الأمنية لافتتاح نسخته الحالية.
ولا مانع عندنا أن يكونوا هؤلاء جميعا قد جمعتهم شغف الثقافة ؛ لكن كان هناك تبرير لطيف يفيد بأنّ المهرجان نظم تحت شعار سياسي وهو ” دور المجالس الجهوية في التنمية المحلية ” فهرول القوم إليه خوفا؛ و تنافسوا على الحضور عليه خشية من وشاية تنمي أنّهم لا يأبهون بالإصلاحات الدستورية الجديدة.
و كذالك من إنجازات هذا المهرجان هي محاولته الدءوبة من دون كلل ولا ملل و على مدى ثلاث سنين لفت أنظار السلطات و النخب الثقافية الفاعلة لعلّهم أن يسلطوا أضواءهم ولو دقيقة في السنة على ما تزخر به هذه الولاية في الماضي و الحاضر من قامات سامقة و هامات باسقة قد وصل فيئها إلى مشارق الأرض و مغاربها.
لكن أيّ مهرجان ثقافي مهما كان و خاصة في هذه الولاية عليه أن يجمعها دائما و لا يفرّقها ؛ و يجذبها و لا ينفّرها؛ و يصلها و لا يقطعها ؛ و أن يحمل الأفراح لمريديها و عشاقها ؛ و أن يحجب عنهم الأتراح التي تأججها الحساسيات.
هذا لمن يريد التألّق و النجاح و المحصول لمهرجانه ؛ فإن لم يكن هذا ؛ فأيّ نجاح سوف يذكر ؟.
غالي بن الصغير