من قصص المخبرين في بلادنا / إكس ولد إكس إكرك
أبلغني أحد الأصدقاء أن إدارة الأمن والمكتب الثاني والمخابرات بصدد إعادة الاعتبار للجواسيس والمخبرين من قدماء المحاربين في الميدان، وذلك تزامنا مع نشاط خلايا التجسس الإلكتروني والتنصت والقرصنة، لتجمع بين الأصالة والمعاصرة في الجوسسة.
قديما قال أحدهم على طريقة إياك أعني واسمعي يا جارة:
الله إدوم كل حال :: من ذ لحوال اعلينَ
والله إبكّمْ حد كال :: للحكومة ش فينَ
وكان البعض يكرر( ما مرفود امن إلاه يكون الهيلاله).
منذ عهد الرئيس المؤسس المختار ولد داداه كان المخبرون من جميع فئات المجتمع منهم الصالحون ومنهم دون ذلك كانوا طرائق قددا، يجوسون خلال الديار ومجالس أژوان ويغشون النوادي والصالونات.
من كل الفئات والأعمار، مناضلون فى حزب الشعب، منهم الفقيه والدرويش والمجذوب والوجيه والفتى لمغني، ومن الطريف أن أحدهم كان قليل الكلام كثير الإنصات، وذات مجلس أژوان داعبه أحدهم وقد لاحظ صمته وانصاته لمايدور من حديث قائلا:
كل امنادم مزالْ جايْ :: گال أگلال أمّالُ
يكون الشيخ أَمَّالْ مَايْ :: گُولْ الشيخ أگلالُ
تفاجأ الشيخ بالكاف لكن مثله يكون حاضر البديهة فأجاب على الفور:
كيفتْ گومُ وابلا اجميلْ :: أگلالُ لَ گالُ
واسكاتْ الشيخ ألاّ ادليلْ :: إعْلَ زين أگلالُ
وكان المخبرون يصلون في الصف الأول وعند كتفي الإمام بداه، وكما كان الشيخ عبد الحميد كشك يقول إذا دعا:
اللهم اغفر للصف الثاني وتجاوز عن الصف الثالث واغفر لباقي المسجد
فسألوه والصف الأول يا مولانا؟
قال لهم : إنهم مخبرون وأمن دولة.
وكان الشيخ محمد ولد سيدي يحيى يقول: آنَ مان سامي حد ألا نطرح الماره اتوف.
وفي آخر عهد الرئيس المختار كان بعض الوزراء والنواب يتهامسون بأنه على الرئيس أن يتنحى ويفسح المجال أمام الشباب لقيادة البلد خاصة بعد دمج شباب الكادحين من الميثاقيين في حزب الشعب، وأن عليه أن يعين أحد الشباب رئيسا للوزراء بصلاحيات واسعة ويكون هو رئيسا شرفيا. تحمس الإداري لمرابط ولد برّو للفكرة وقال إن المختار فعلا أصبح رجلا كبّارا وأن الدور الآن يجب أن يعطى للشباب.
بعد أيام قام الرئيس المختار باستدعاء لمرابط ولد برو ليسأله ممازحا:
لمرابط انت عت اتگول عني مدگدگ راصي؟!
قال لمرابط وكان سريع البديهة ظريفا:
مافم أعظام السيد الرئيس ألا كنت نختير نتأكد عن وزير الداخلية مزال إيعدل عملو على الوجه المطلوب.
في عهد ولد هيدالة بلغ العمل الأمني ذروته فكان من بين كل ثلاثة أشخاص مخبر، وكانت هياكل تهذيب الجماهيرنظاما مخابراتيا فريدا من نوعه وكان كل عشرة خلية وكل مئة حيا، وفي عهد هيدالة استعمل المخبرون تقنية التسجيل، فكان لدى كل مخبر جهاز تسجيل صغير، وكانت أجهزة الهاتف تحت المراقبة.
من روصو اتصل أحدهم على قريب له كان قد كلفه ببيع عتروس فسأله: انت المهمة ذيك لعادت أوفات اطرح الفظة عند بوتيگ افلان.
تم اعتقال الرجل المعروف بميوله الناصري وخضع للتحقيق ولم يقتنع المحققون أن المهمة لا تتعدى كونها بيع عتروس.
يقول الشاعر الكبير فاضل أمين رحمه الله:
اسمعْ أخي سأقصّ عما قد جرى :: طرق اللصوصُ بيوتنا غِبَّ الكرى
كان المؤذن يا أخي يدعو الورى :: الله أكبر فالصباح قد أسفرا
لكنهم كانوا هناك بجيشهم :: وكلابهم تعوي وتنبش في الثرى
جاءوا كعاصفة الجراد من المدى:: تجتاح في الظلمات نبتا أخضرا
هتكوا البيوت بخيلهم وبرجلهم :: واستجوبوا حتى الشقيق الأصغرا
حتى دُمى الأطفال، حتى مُصحفي:: ظن الكلاب به سلاحا مشهرا
وفي آخر عهد معاوية إبان اعتقالات الإسلاميين نشط المخبرون فهم كالعنقاء التي تخرج من رمادها كل مرة، فكانو هم عماد الصف الأول من كل مسجد وكلما خرج خطيب عن النص أقبل الشرطة إليه يزفون.
كتب المخبرون التقارير ولفقوها عن تمويل الإسلاميين، يقول الشيخ محمد الحسن ولد الددو في قصيدته “قال المحقق للسجين”:
قال المحقق للسجين: من أين نعلك ذا الثمين؟
ومــن أين ثوبك لا تكن كالمفســدين الخائنين
الآخــذين مـن الخليج من اليسـار من اليمين
يأتيهم التمويل من كل البلاد مــدى السنـيـن
حتى من الأفغان أرض البؤس، وكر البائسين
فـهـنــاك للإرهـاب قــاعــدة تـعـيـن القاعدين
جعلوا المسـاجــد كالبنوك تعج بالمستثمرين
قــل مـا تشاء ولا تحر، فعنــدنا الخبر اليقين
جلباب زوجتك الذي تـدنـيـه خيـر الشاهدين
من أين جاءَ، ألم يكن مستغربا في القاطنين
قال السجين مبادراً ومن أين لي ذا الأكسجين
خـيــرات أرضــي أنـتـم أنهـبـتـمـوها الناهبين
ومـنـعتـمـوها أهلها الفـقـرا والـمـستضعـفـين
وأردتــم أن تـمـنـعـوا خـيـرات رب العــالمين
ومع مجيء ولد عبد العزيز أصبح المنتبذ القصي تحت المراقبة، في قصر المؤتمرات تم تسجيل وتسريب بعض مقابلات الرئيس المنتخب المطاح به سيدي ولد الشيخ عبد الله، كلقائه مع ولد مگت و ولد الهادي، ولقاء الوفود الأجنبية.
كما حدثت فضيحة فشل صفقة اقتناء الرئاسة لثلاثة عشر جهاز تجسس واختراق، كانت قد أبرمت بين مصالح الرئاسة ومورد إيطالي يدعى “كريستيا بروفيسيونتو” . حيث لم يتمكن الوسيط الإيطالي من توريد الأجهزة من إسرائيل.
فشل هذه الصفقة أدى لخسارة الرئاسة لمبلغ 1.5 مليون دولار، ما دفع مصالح الأمن لحبس الوسيط الإيطالي اكريستيا بروفيسيونتو مع رفيق له كرهائن لحين اكتمال الصفقة.
وبالتوازي مع التنصت تلجأ مخابرات عزيز للتسريب لتشويه الخصوم، كما حدث مع السيناتور ولد غده، يقول أحد الظرفاء:
گاسك ياغل -بالفال- :: گط أصحابي فوكال
فخبر طب التحجال :: عن خاطيك انكنو
إيل عاد المزال :: عندك. ريحك منو
سنة 2015 استاء الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال رحمه الله، من تعاطي المنتدى مع النظام واتجاهه نحو المشاركة في الحوار، الرئيس اعل صرح لمقربيه أنه لايوجد في موريتانيا سياسيون وأن غالبيتهم جواسيس ومرتزقة وأنه يعرفهم أيام كان مديرا للأمن الوطني، وكانت غالبية الوجوه اليوم جزءا من موظفي الأمن السياسي ومخبريه.
يحكى أن أحد وزراء الداخلية في المنتبذ القصي فتح ملفا سريا للغاية يضم أسماء المخبرين لدى الوزارة وكان من ثلاث صفحات، قرأ الأولى فقال: وخيرت
أخذ الثانية وقال: وخيااااارت
أخذ الثالثة فصاح بأعلى صوته وخياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااارت
كامل الود