الديمقراطية إقناع أم إكراه؟/ محمد محمود بن العتيق

تساؤل مشروع يحق لكل مواطن يومن بالوطن و يومن بالديمقراطية بوصفها حكم الشعب لنفسه أن يطرحه على من يهمهم الأمر حتى يجد جوابا مقنعا يؤسس عليه توجهه.

إن الجواب عن هذا التساؤل لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخرج عن اتجاهين اثنيــن لا ثالث لهما. الاتجاه الأول أن تكون الديمقراطية بالإقناع و مقارعة الحجة بالحجة و الفكـــرة بالفكرة و أن تتزاحم العقول فيخرج الصواب و الأجدى من ذلك كله و الأسرع تأثيــــــــــرا للقائمين على الشأن العام هو تلك الإنجازات الهامة و الواضحة التي يشعر المواطن البسيط من خلالها أنه في دولة قانون تتوفر له  فيها كل إمكانيات العيش الكريم و كل الخدمـــــــات الضرورية في مجالات التعليم و الصحة و العدالة و غيرها دون وسيط و لا شفيع  و تكون الدولة للمواطن مهمــــا كان و كيفما كان و أينما كان كالأم الحنون لرضيعها عندهــــــــــــا سينصهر الجميع في بوتقة واحدة و يحدث التلاحم و الانسجام و تقطع ألسن و أرجل و أيدي من يريدون بهذا البلد و بأهله ســــوءا لأن البلد الطيب يخرج نباته طيبا…

أما الاتجاه الثاني فهو طريق الإكراه الذي هو رديف الاستبداد و الظلم فهذا الاتجاه كثيرا ما يوصل من يسلكه إلى نهاية مأساوية و لنا عبر التاريخ شواهد جمة على ذلك.

إن ما نلاحظه في هذه الأيام من تناقض في الخطاب الموجه في الغالب إلى المواطن البسيط – تلاعبا بعقله – لا يتضح معه المراد من الديمقراطية في بلدنا هل هو الحكم بالشـــــــعب أم الحكم عليه و شتان ما بين العبارتين فالحكم بالشعب تعني أن يستمد الحاكم سلطته من الشعب طوعا لا كرها أما الحكم على الشعب فهو جعل ذلك الشعب مفعولا به يستخدم عند الحاجة كما تستخدم البهائم في العسر و يترك للنسيان في اليسر.

من العيب أن يتهم إنسان آخر بالابتعاد عن الممارسات الديمقراطية السليمة و في نفس الوقت نجد المتهم (بالكسر) في تصرفاته و أقواله يخالف كل الأعراف الديمقراطية و الأخلاقية بالترغيب و الترهيب و تجييش القبائل و استخدام المال العام و الوسائل العمومية و الإدارة في شأن كان يجب أن يكون مقارعة بين داعمين و رافضين تقف الإدارة و مسؤولها الأول على مسافة متساوية منها :                                                      لا تنه عن خلق و تأتي مثله    * عار عليك إذا فعلت عظيم

إن الإيمان بالشيء يتجلى في مظهر الإنسان و تصرفاته و أقواله، فهل نحن مؤمنون بالديمقراطية فعلا و أنها بالإقناع وحده و لا يمكن أن تكون إكراها و لا جمعا بين الإقناع و الإكراه؟ فذلك خلط الجيد بالرديء و لا يجوز شرعا كما ومعلوم؟

محمد محمود بن العتيق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى