حول مطلب إغلاق قناة الجزيرة
لقد كان وجود قناة الجزيرة سببا مباشرا في ميلاد غيرها من القنوات الإخبارية العربية والأجنبية، فجميع القنوات الإخبارية الناطقة باللغة العربية والتي تبث من جميع قارات العالم كان لقناة الجزيرة الفضل بشكل مباشر أوغير مباشر في فكرة إنشائها بغض النظر عن خط تحرير هذه القناة أو تلك، فهذه القنوات رغم تعددها فهي إما تحاكي الجزيرة وتستفيد من تجربتها وإما تنافسها وبالتالي تفرض الجزيرة عليها الموضوع الخام لمنتجاتها، فالقنوات الغربية الناطقة بالعربية مثل البي بي سي وفرانس 24 وروسيا اليوم وحتى القنوات الآمريكية كقناة الحرة ما كان للدول القائمة عليها والمموِّلة لها أن تستثمر هذه المبالغ الضخمة في مجال صناعة الرأي العام العربي والتأثير عليه من خلال برامجها لولا وجود قناة الجزيرة ومصداقية وجدية البرامج التي تقدمها والتي وجد فيها المشاهد العربي وحتى الغربي ضالته المتمثلة في الوصول للمعلومة كما هي دون تدخل أو توجيه من أحد، ففي فترة الحرب الآمريكية على كل من أفغانستان والعراق كانت الجزيرة من أهم المصادر التي ترجع إليها الشبكات الإخبارية الغربية العريقة مثل c n n و fox news رغم أن هذه الشبكات لا تتحدث بالعربية ولا تستهدف الرأي العام العربي، لكن مصداقية قناة الجزيرة فرضت نفسها واحترامها على الجميع عربيا كان أوعجميا، أما فيما يتعلق بكون الجزيرة كانت هي السبب في وجود القنوات الإخبارية المتواجدة اليوم بكثرة في فضاء الوطن العربي فلا أدل على ذلك من كون جميع هذه القنوات كانت بمثابة ردة فعل من هذه الدولة العربية أوتلك على هذا الصرح الإعلامي الغير مسبوق الذي بهر العالم منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، والذي حشر النظام العربي الرسمي في زاوية ضيقة لم يجد منفذا للخروج منها غير استخدام نفس السلاح الذي كشف زيف الشعارات التي خدر بها شعبه طيلة عقود من الزمن – وهو سلاح الإعلام – وهذا مافرض عليه اللجوء للبحث عن جميع الخيارات التي قد تخلصه من هذا المأزق الذي وضعته فيه هذه القناة لتستقر قناعته على أن آخر صيحات صناعة الأسلحة توصلت إلى أن أفضل سلاح مضاد لهذا السلاح هو السلاح نفسه، تطبيقا للمثل العربي القديم – الحديد لا يقطعه إلا الحديد – لكن هيهات! فالفولاذ القطري الأصيل المتمثل في قناة الجزيرة لا يمكن أن يصمد أمامه أي معدن من المعادن الأخرى وخصوصا إذا كانت هذه المعادن جميعها مغشوشة، ولا أدل على ذلك من ردة الفعل التي أنشئت بسببها قناة العربية عشية الغزو الآمريكي للعراق لتكون هي والجزيرة فرسي رهان في هذا الميدان، لكن التجربة أثبتت أن نقطة انطلاق سباق الفرسين كما نقطة وصولهما ليست على ذلك المستوى من الندية الذي يتطلبه هذا النوع من السباقات، فجميعنا كان شاهدا على تلك العملية القيصرية التي من خلالها ولد من رحم ال m b c ذلك المولود المشوه الذي أصبح يعرف فيما بعد بقناة – العربية – والتي لم يعترف بها رسميا من يفترض أنه والدها الشرعي – السعودية – محاولا بذلك منحها صفتي المصداقية والحياد، لكن جميع التحاليل وخاصة الحمض النووي أثبتت أنها تنتمي إلى هذا الوالد جينيا حتى ولو كان ذلك الإنتماء سفاحا ، والقنوات التي على شاكلة قناة العربية تنطبق عليها نفس الصفات فجميع هذه القنوات وجدت كردة فعل على وجود قناة الجزيرة وهذا ما يستدعي طرح السؤالين التاليين:
ماذا لو أغلقت دولة قطر قناة الجزيرة؟ هل ستختفي ردات الفعل هذه بغياب الفعل المتسبب في وجودها؟
المحامي جعفر ولد ابيه