
البرنامج الإستعجالي لتنمية لعصابه و حلم التنفيذ / النهاه ولد أحمدو
تعيش ولاية لعصابه هذه الأيام و على غرار جل ولايات الوطن ، حلم تنفيذ البرنامج التنموي الإستعجالي بعد إعلان رئيس الجمهورية انطلاقته من مدينة النعمة مؤخرا ، هذا البرنامج الذي يمثل حصيلة اسابيع حافلة بلقاءات التشاور تحت عنوان : (تحديد أولويات برنامج تنميية ولايات الداخل) ، قادتها بعثات رفيعة المستوى ضمت وزراء و مستشارين و مكلفين بمهام ، انفقت عليها الدولة بسخاء تكاليف باهظة للتعويض و التكفل بتنقل و إقامة هؤلاء ، و تعطلت بشكل تام كل المهام المرتبطة بدوامهم اليومي بمقرات اعمالهم الأصلية في العاصمة ، و كذا مهام مراجعي المصالح الجهوية بالداخل طيلة أيام التشاور .
إسراف و خسائر بأرقام كبيرة ، قد لا تساوي فعلا خسائر توقف العمل بمطار “روما” او “دبي” لمدة يومين ، و لا توقف العمل لساعات بأحد قطاعات الإنتاج بمصانع “تويوتا” “بطوكيو” ، لكنه بالمقابل أكثر من خسائر إغلاق دكان “تقسيط” بسوق “تميشت” “كيفه” لمدة أسبوع .
كل هذا و غيره كَلَّفه عنوان يتيم :
(جمع و ترتيب أولويات وسائل تنمية الداخل الموريتاني) .
إن المواطن الموريتاني حيث كان لا يحلم بأن يصله الماء عن طريق تحلية المحيط بعد أحدث المعالجات ليشربه نقيا صحيا و متوفرا كل حين ، بل يكفيه أن يُؤَمَّنَ له حفر بدائي في ” أَْسْهَاوِ لَخْيَامْ” يضمن لهم ان لايهلك الأطفال و العجزة عطشا قبل رجوع الوُرَّاد الذين غادروا الحي في جنح الظلام يسابقون الزمن للوصول قبل الظهيرة محملين بما تيسر من ماء كَدِر ، من منهل يتقاسمونه مع جميع أشكال الهوام من الحيوانات .
كما أن المواطن في كبريات المدن الموريتانية دون إستثناء ، لا يطمح لأكثر من طاقة ، متوسطة الجهد ، متكررة الإنقطاعات ، صادرة من مولدات سامة العوادم و النفايات ، مزعجزة الجعجعة و عديمة الطحين ، فهو لا يطمع في الحصول عى طاقة نظيفة كالمستنتجة من إحتكاك حركة أرْجُل رواد محطات “الميترو” في “بكين” بعد تحويلها إلى طاقة كهربائة ، يزيد المنتج منها على حاجة تشغيل المحطة ليوجه الفائض إلى منشآت أخرى تحتاجه.
إننا في الداخل الموريتاني ، لا نريد كاسحات ثلوج لإزاحة المتراكم منها ضمانا لإنسيابية المرور ، كما يحدث في مدن مثل “لندن” و “موسكو” و غيرها ، بل حاجتنا أكثر إلى جرار صغير يسحب محراثا آليا بسيطا لإستصلاح و تليين التربة بحقل بدائي بالكاد تصل مساحته الثلاث هكتارات ، هذا العمل الذي ظل و حتى اليوم يكابده آخر الآباء و الأجداد ، و بوسائلهم التقليدية “أوَاجِيلْ” رغم قناعتهم بعدم جدوائيته ، لكن تبقى الحاجة و قلة الحيلة و غياب الدعم و انعدام البديل ، دوافع كافية للتمسك بهذا الأسلوب البائد.
إننا في اكبر المدن المورريتانية ، لا نريد حاوية أوساخ ذكية – كما هو الحال في شوارع “اليابان” – مجهزة بوسائل تسلية و أجهزة صوتية تُناشِدُ المارة و المستخدمين و تُسْدِيهم الشُّكْرَ و تُنْشِدُهم الأغاني ، كلما رموا بها عود ثقاب او علبة عصير فارغة ، بل نريد فقط عربة يجرها حمار ، لتنقل جثة حمار آخر نَفَقَ منذو ثلاثة أيام أمام احد المكاتب او عند أحد ملتقيات الشوارع الكبرى .
قد لا يفوت قارئي العزيز أنني ذهبت بعيدا في المقارنة بين واقعنا بما هو عليه من حال معروف ، و واقع عوالم أخرى قد تفصل بيننا معها آلاف السننين الضوئية ، و هذا ليس من عادتي ، لكن تعمدت هذه المقارنه مجاراة للمدافعين و المبررين الذين يرون ، أن جميع ما نعيشه من مظاهر التخلف ( فسادا و فقرا و جهلا و مرضا) ، نحن في ظله افضل حالا من كثير من شعوب العالم ، بل و حتى أن هؤلاء من وَلَعِهم بالمقارنة ، لم يتورعوا عن أن يجعلوا لكل من يتولى من شأننا امرا عاما ، لصا كان او مرتشيا ، فاسدا او ناهبا معروفا ، نظيرا و انِدا او حتى تِرْبًا ، لأحد أصحابه صلى الله عليه و سلم .
فهذا عمر بن عبد العزيز في عدله ،
و هذا ابو بكر الصديق في إنفاقه ،
و ذاك عمرو الفاروق في ورعه ،
و ذا عثمان بن عفان في زهده…إلخ .
أعزائي سكان ولاية لعصابه الحبيبة ، استسمحكم هذه المرة فقد اطنبت كثيرا في مقدمتي عكس ما عرفتموني مباشرا و صريحا ، لكن مقابل الإطالة سأضع بين ايديكم برنامجا طموحا لتنمية ولايتكم ، بعد ان تم تغييبكم عن تصميم البرنامج الحالي المزمع تنفيذه لصالحكم .
من البديهي ان لا يبتعد المهتم بتنمية ولاية لعصابه عن المواضيع ذات الصلة و التي لا تمكنني الإحاطة بها علما ، لتشعبها و لأنني لست افضل من يتكلم و حتى في اصغر جزئياتها ، لكنني سأحاول إستحضار بعضها لعرضه أمامكم .
—- توجيه جهود جميع الفاعلين نحو الهدف المعلن (تنمية ولاية لعصابه ) .
—- نبذ جميع أنواع الخلاف الداخلي ، و العمل على التخطيط لجلب التمويلات اللازمة لتطوير كل القطاعات التنموية بالولاية .
—- متابعة و تقييم المشاريع المتدخلة في الولاية للتحقق الميداني من جدوائية تدخلاتها ، و الوقوف على مستوى جدية مساهمتها في التنمية المحلية .
—- الوقوف في وجه سياسة تبديد التمويلات و الإستحواذ عليها ، و توجيهها لغير المستحقين في كافة المجالات و احيانا إلى مجالات لا تشكل أولوية لدى الساكنة .
—- العمل على خلق وعي و إرشاد ديني و مدني و ثقافي ، يعمل على غرس روح الإنتاج و التطلع للأفضل و نبذ بعض العقليات و المسلكيات المعيقة للتنمية ، كالعزوف عن العمل و الإتكالية و الكسل و الأمية و التسرب المدرسي و الزواج المبكر للبنات و التفكك الأسري …إلخ .
—- تشجيع جميع أنواع الحرف و المهن لترسيخ ثقافة الإنتاج .
—- العمل على خلق نشاطات مدرة للدخل لصالح الفئات الهشة (الشباب العاطل عن العمل و النساء معيلات الأسر و المتقاعدين ) .
—- السعي إلى استفادة الولاية من لامركزية القطاعات و المرافق العمومية : ( جامعات معاهد مراكز تكوين مصانع…إلخ) .
—- التخطيط العمراني للمدن الكبرى بالولاية بدء بالعاصمة “كيفه” التى ولد بها خَدِيجًا ، و مات بعد صرخة الوضع .
— نظافة مدينة كيفه و صرفها الصحي ، و ترميم طريق المستشفى و استصلاح لمسيله .