تحقيق استقصائي : موريتانيا: عصابة “كاردينال”… الدواء الذي تحوّل إلى موت صامت
إعداد: فريق صفحة صالون انواكشوط
في أكبر ضربة أمنية في السنوات الأخيرة، تمكّنت وحدات من الدرك الوطني الموريتاني من تفكيك شبكة منظمة لتهريب وتوزيع الأدوية المخدرة، وعلى رأسها حبوب “كاردينال” الفتاكة. الشبكة لم تكن مكوّنة من أفراد عاديين، بل من خليط معقد يضم موزعين، وسطاء، صيدليات مرخصة، ومشتبهاً بهم قيد البحث، بينهم نساء ما زلن فارّات حتى لحظة إعداد هذا التحقيق.
خمس صيدليات تتحول إلى مستودعات موت
العملية كشفت استغلال 5 صيدليات مرخصة في العاصمة كنقاط توزيع وتخزين لكميات ضخمة من الحبوب المخدرة. بعضها أُغلق رسميًا منذ فترة، لكنه استُخدم لاحقًا كمستودع مظلم تُخزّن فيه حبوب الهلوسة تحت غطاء شرعي. أما الأخرى، فكانت تطلب الأدوية بشكل رسمي ثم توجهها للسوق السوداء.
وقد تم توقيف عدد من المتورطين، فيما لا تزال بعض النساء المرتبطات بالشبكة في حالة فرار وجارٍ البحث عنهن من قبل الأجهزة الأمنية.
تنسيق إقليمي… وبلاغ خارجي يكشف الصورة
مصادر أمنية مطلعة أكدت أن تفكيك الشبكة جاء بالتزامن مع بلاغ استخباراتي من دولة شقيقة، حذّر من نشاط إقليمي مشبوه يتعلق بتهريب حبوب الهلوسة عبر شبكات عابرة للحدود.
وفي السياق نفسه، أعلنت السلطات التونسية قبل أيام تفكيك خلية تعمل بنفس الأسلوب والتوجه الإيديولوجي، مستخدمة صيدليات وهمية، ونساء في التوزيع، وشبكات تمويل غير واضحة المصدر.
هذا التزامن يكشف أن القضية تتجاوز الإطار المحلي، وتؤكد أننا أمام تنظيم عابر للحدود، يهدد أمن شمال أفريقيا بأكملها.
شبكة لا تُمثل شريحة واحدة
خلافًا لما يُروج له البعض، هذه الشبكة لا تمثل مكونًا اجتماعياً واحدًا. التحقيقات أثبتت أنها تتكون من أفراد ينتمون إلى جميع شرائح وقبائل موريتانيا، في هيكل هرمي تحركه المصالح، لا الانتماءات.
وهنا نوجه دعوة للإعلاميين والمدونين:
لا تُحمّلوا شريحة واحدة جريمة وطنية. الوطن أكبر من الحسابات الضيقة.
“كاردينال”… القاتل العصري
حبوب “كاردينال” تُصنّف اليوم ضمن أخطر المؤثرات العقلية. تحتوي على:
• MDPV (أقوى من الكوكايين)
• مهلوسات ومخدرات صناعية
• مكونات كيميائية مجهولة
كما ضُبطت إلى جانبها أنواع أخرى من الأدوية المحظورة والمستخدمة خارج إطارها الطبي:
• حبوب الهلوسة (كاردينال)
• حبوب منع الحمل والإجهاض
• حبوب السمنة والمقويات الجنسية
12,870,000 حبة تم ضبطها حتى الآن،
كيف تصل السموم؟
1. المصدر: مصانع في آسيا تُرسل المواد الفعالة إلى المنطقة
2. النقل: عبر الحاويات في الميناء والمطار
3. التوزيع: عبر صيدليات مرخصة أو مستودعات وهمية
4. الانتشار: من نواكشوط إلى أنواذيبو، أزويرات، والولايات الداخلية
????تحية للدرك الوطني… وخطة ذكية أسقطت الشبكة
وسط حالة التواطؤ والتراخي من بعض الجهات، برز الدرك الوطني كقطاع شريف أثبت مهنية عالية في تتبع الشبكة، جمع الأدلة، والتحرك بهدوء لإسقاط العصابة دون ضجيج.
إحدى المفاجآت خلال التحقيق أن أفراد الشبكة حاولوا عرض مبالغ مالية ضخمة كرشوة على أحد عناصر الدرك مقابل طمس الملف.
لكن رجال الدرك تعاملوا بحنكة، أوهموا المتورطين بالموافقة، وشرعوا في تتبع المكالمات والاتصالات وتحليل التنقلات والأموال، وهو ما مكّن من كشف خيوط جديدة وأطراف إضافية في الشبكة.
هذا التصرف لم يكن مجرد التزام بالقانون، بل شجاعة واستخبارات ميدانية حقيقية.
ليست النهاية… بل بداية الكشف
مصادر التحقيق أكدت أن أحد الرؤوس الكبيرة في هذه العصابة سيُكشف قريبًا. شخص شغل منصبًا إداريًا حساسًا في الماضي وكان يتحرك كواجهة شرعية لتسهيل دخول السموم إلى البلاد.
????هل تتحرك الدولة؟
الخطر الآن لم يعد أمنياً فقط، بل صحياً واجتماعياً. نحن أمام أزمة قد تُدمّر جيلاً كاملاً إن لم تتحرك الدولة فوراً عبر:
1. مراجعة نظام ترخيص الصيدليات
2. فرض رقابة إلكترونية على طلبات الدواء
3. تشديد التفتيش الجمركي في المنافذ
4. إنشاء وحدة استخبارات صحية مستقلة
⸻
????الخلاصة: “كاردينال” ليس مجرد حبة… بل نظام فساد متكامل
موريتانيا الآن في مفترق طرق:
إما أن تتحرك بكل أجهزتها، أو تترك جيلاً يسقط تحت تأثير حبة صغيرة لا تُكلف أكثر من 3000 أوقية… لكنها تكلف مستقبل وطن.
الليلة نكشف مزيداً من الحقائق… ترقبوا من هو الرأس الكبير وما دوره السابق.
التحقيق مستمر.
#صالون_انواكشوط #نواكشوط #موريتانيا #Mauritania