قال لي الشيخ محمد عبد الرحمن بن يطول عمره إنه كان يحمِّله السلام إلى آل محم، كلما علم أنه مسافر إلى البلاد، قال: وكان يقول لي اقرأ عليهم جميعا سلامي، واقرأه أيضا على بقرهم وعجولهم. وزاره في مرضه الأخير محمد بن يطول عمره، فلما عرفه، تهلل وجهه، وظهرت عليه أمارات الفرح، وأخذ بكفه وألصقها بصدره، يتبرك به، ويريه مبلغ حبه إياه، وما زال ممسكا بها حتى أخذته غيبوبة كانت تلازمه أكثر وقته، منذ مرض مرضه الأخير. ووجدنا بالحجاز فاطمة بنت عثمان (آل التاقاطي)، وكانت أخته أو عمته من الرضاع، وكانت -رحمها الله- امرأة صالحة متصوفة، فكانت تعوده أبدا، وتأتيه في الشهر أو الشهرين مرة، في الأقل، فتظل عنده، فكانت إذا دخلت من الباب، خفَّ إليها، فرحًا بمقدمها، وأمسك بيدها، وأسندها، وكاد يحملها، وكانت مسنة، ثم يبسط لها عمامته، ويجلسها عليها، ويجلس بين يديها، كما يجلس الولد البر بين يدي أمه. وسمعته يوما يقول إنها قالت في الأيام الأولى من مقدمنا: لم يبق في قلب فاطمة مكان لأحد لما جاء سيدي بن الغوث. وظلاَّ على ذلك الحب والتواصل، حتى انتقلت إلى رحمة الله. ولما توفي يب بن الطالب (آل التاقاطي) -رحمه الله- كان إذا جاء مكة لا ينزل إلا عند أولاده، وكانت في مكة أسر عدة غيرَهم من أهل الطالب جدو، وكان أولاد يب، حينذ صغارا، فسألته مرة: ما لك لا تنزل إلا عند آل الطالب، قال لي: إن الأطفال إذا مات أبوهم، ولم تكن أمهم بنت عمهم ربما حسبوا أنهم من أخوالهم، وجهلوا قبيلتهم، فأنا أخشى أن يضيع أولادنا، ويحسبوا أنهم من أدو بلاب (أخوالهم)، فأنا أحرص على النزول عندهم، وقضاء ما أقضي في مكة معهم؛ ليعرفوا منهم. وإنما فعل ذلك حزما، وإلا فقد علم أن أمهم كانت امرأة عظيمة، فاضلة، محبة للقبيلة، حريصة على وصل أولادها بأهلهم، وكان والدها -رحمة الله عليه- مثلها محبا للقبيلة معظما لها، وكان إلى ذلك من كبار العلماء الصالحين المتبتلين. وقد كبر الأبناء، وهم اليوم رجال فضلاء، من خيرة رجال القبيلة في الحجاز، وهم على نهج أبيهم (يبَّ) في الفضل والكرم، وحب القبيلة، وكانوا يكنون للوالد في حياته من الحب مثل ما كان يكن لهم ولأبيهم وأسرتهم كلها (آل التاقاطي).
ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺍﻟﺒﺮﻓﺴﻮﺭ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﻐﻮﺙ،
ﻭ ﺃﺭﺳﻠﻬﺎ ﻟﻠﻤﻮﻗﻊ : ﺳﻴﺪﻱ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﻐﻮﺙ