“حتى في الولايات المتحدة الأمريكية هناك الكثير من الأفارقة يدعون أنهم موريتانيون”.
هذا نص تعليق للناشط Hamady Achour المقيم حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية، على منشور شاركته للصحفي المقيم في أسبانيا محمد لمين خطاري، تحدث فيه عن وجود أفارقة في أسبانيا يدعون أنهم موريتانيون ويطلبون اللجوء هناك.
هذا يطرح عدة مشاكل كبيرة منها:
1- تشويه سمعة موريتانيا ووصمها بالدولة العنصرية التي تنتهك حقوق مواطنيها السود…هؤلاء الأفارقة الذين يقولون إنهم موريتانيون ويطلبون حق اللجوء في دول غربية يدعون دائما أنهم تعرضوا للتعذيب ولكل أشكال العنصرية، وذلك من أجل الحصول على حق اللجوء؛
2- التلاعب بالأوراق والوثائق المدنية الموريتانية؛
3- وتبقى القصة الأكثر غرابة، هي تلك القصة التي كتبتُ عنها في مقال سابق، تحت عنوان:”عن جثة الموريتاني المعرضة للحرق في بلجيكا!”
في يوم 06 يوليو من العام 2023 نشر الناشط السياسي الموريتاني المقيم في بلجيكا “آداما با” نداءً إنسانيا عاجلا على حسابه في الفيسبوك باللغتين العربية والفرنسية، وتم تداول هذا النداء بشكل واسع، وهذا ما جاء تقريبا في نسخته العربية:
“رسالة إلى الموريتانيين: هناك مواطن موريتاني يدعى انجاي سيدي مولود 1952 في روصو، توفي منذ شهرين تقريبا في مدينة انفرس ببلجيكا، والشرطة أعطت مهلة 72 ساعة، إن لم يعثر على ذويه، فسيتم تسليمه لمؤسسة المحرقة، نعوذ بالله، فليبلغ الحاضر الغائب”.
تم تداول هذا النداء الإنساني بشكل واسع في الفيسبوك، واستُغِل ـ كالعادة ـ من طرف بعض الموريتانيين للتأكيد على عنصرية النظام الحاكم في بلادنا، فحسب أولئك، فلو كان هذا المتوفي من مكونة أخرى لتم نقله بسرعة، ولما تُركت جثته مرمية في أحد مستشفيات بلجيكا لقرابة شهرين.
اعتبرت جاليتنا في بلجيكا هذا المتوفي موريتانيا، وذلك لكونه يمتلك بطاقة تعريف وطنية تؤكد أنه ولد في روصو في العام 1952، والحقيقة أنه ليس موريتانيا، وإنما كانت لديه وثائق موريتانية مزورة، حاله في ذلك كحال الآلاف ـ إن لم أقل عشرات الآلاف أو مئات الآلاف ـ من الأفارقة المقيمين في الغرب. بعد تلك الضجة الكبيرة، وبعد أن ألصقت تهمة العنصرية من جديد بموريتانيا، نقل موقع “La Dépêche” عن مصادر سنغالية أن الجثة تعود لمواطن سنغالي جاء إلى بلجيكا منذ فترة، وأنه خلال بحثه عن اللجوء، وسعيا لدعم ملفه كلاجئ مضطهد تقدم ببطاقة تعريف موريتانية، وادعى أنه مواطن موريتاني!!
المثير للاستغراب أن من أطلق النداء، ومن شاركوه، بخلوا بكتابة منشور واحد يقولون فيه ـ وبعد أن تكشفت حقيقة الجثة ـ أن المتوفي سنغالي وليس موريتانيا، فالنداء ما زال موجودا ـ حتى الآن ـ في حسابات من شاركه، وفي حساب الناشط “آداما با” (المصدر الأصلي) دون أي تعديل، ودون أي اعتذار عن هذه الكذبة التي امتدت في الآفاق، والتي تقول بأن النظام الموريتاني العنصري تخلَّى عن جثة أحد مواطنيه، لأسباب عنصرية، وتركها عرضة للحرق في بلجيكا.
إنه لمؤلم حقا، أن يُجمع لبلادنا في حادثة الجثة التي كانت معرضة للحرق في بلجيكا، شران في وقت واحد. شرٌّ يتعلق بتزوير وثائقنا المدنية، وشرٌّ ثانٍ يتمثل في أن من يزور تلك الوثائق، لا يكتفي فقط بتزويرها، وإنما يَدَّعِي ـ إضافة إلى ذلك ـ بأنه تعرض للكثير من الاضطهاد والعنصرية في “بلده” موريتانيا، بسبب بشرته السوداء، يَدَّعِي ذلك سعيا للحصول على حق اللجوء، وتسريعا لإجراءاته.
من صفحة محمد الامين الفاضل