
الحسن ولد محمد/ ما بين التنظير و التطبيق
كثيرا ما يتم الحديث عن الانفصام الحاصل بين التنظير والتطبيق، و هو انفصام يجعل المتلقي ينظر إلى المفكر مهما علا شأنه و زان طرحه بكل ريبة و شك.
و لعل ذلك يعود إلى نكوص السياسي لعهده و خلفه لوعده .
لم لا ..! و السياسي هو المتصدر للشأن العام و هو المفوه الذي يملؤ الساحات الإعلامية و الفضاءات الثقافبة بكل ما يخطر بباله من أفكار طوباوية و أخرى مثالية حد الخيال؛ فيحجر بذلك على ذوي النهى و الفكر بين دفتي كتاب.
و مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي و قوة تأثيرها صار التنظير سمة غالبة جعلت كل مجدف في العالم الافتراضي من غير العارفين يغرف من الزبد و يقدمه في طبق من ذهب .
و ليس التنظير في حد ذاته عجزا و لا ديغوماجية بقدر ما هو درجة عالية من الوعي تطرح أفكارا مفيدة، تضيء الدرب و تكشف مكامن الخلل من خلال البحث والتحليل.
فهو تنوير و إرشاد حين يتسم بوضوح الرؤية و منطقية الأفكار و حين يقدم الحلول بعيدا عن نكء الجراح بين المجتمعات ذات التوجهات و الإثنيات المتعددة .. و هو وبال و تخريب حين يعبث بالثوابت الوطنية و يتحرر من القيود الدينية و الأخلاقية.
لذا يجب على كل من ينظر لأجل نهضة المجتمع و تقدمه أن ينطلق من الواقع و ما يمتلكه البلد من مقدرات مادية و بشرية كفيلة بترجمة الأقوال إلى أفعال حتى لا يحصل التناقض الذي يؤدي بالمتلقي إلى الإحباط و تفنيد أو تسفيه كل تنظير و تفكير .