كيفه : كيف لا أبكي مدينتي كيفه!!؟

كيف لا أبكي مدينتي كيفه!!؟
– ثاني مدينة في الوطن بعد العاصمة نواكشوط ، من حيث الكثافة السكانية والامتداد الجغرافي ، واسطة عقد المدن والحواضر المنتظمة على طول طريق الأمل ، ملتقى طرق استراتيجي بين الكثير من مقاطعات الوطن الداخلية ، “احسي بابو” .

– بعض أوصاف وألقاب مدينة كيفه الحبيبة ، مدينة رَخَصِ العيش ورَغَدِه ، مدينة التعايش والتمازج بين كافة أصناف وطبقات المجتمع ، مدينة التسامح والإيواء لكل وافد من داخل الوطن وخارجه ، مدينة الأمن والمبيت في العراء ، لا خوف إلا من أريج نسيم رَطب الهواء .

– لست هنا لإبراز مكارم وأمجاد مدينتي الحبيبة ، ولا الاشادة بمنزلتها ، لأنه تحصيل حاصل ، ولأنني لست في مقام تفاخر ولا تفاضل .

– لكنني استحضرت بعض خصالها وخصائصها ، لأبكيها بعد فقدها وتبدلها لأضدادها ، فكيف لا أبكي مدينتي الحبيبة ، وقد أصبح كل شيء فيها مستباحا، فوضويا ، خارجا عن النظام وعلى القانون ؟

– كيف لا أبكي فقدان الأمن ، بعدما أصبحت عمليات السرقة والاغتصاب والقتل ، أمورا عادية ؟ دفعت المدنيين إلى تسيير دوريات للحراسة ، والحرائر إلى المبيت في أقفاص الحديد كقنينات الغاز، حفاظا على شرفهن والأسر إلى المبيت في المساجد لِوذا بحرمتها خوفا على أرواح الأفراد؟

– كيف لا أبكي الأمن والمجرمون في مدينتي ، معروفون بالأسماء والألقاب والعناوين وحتى أرقام الهواتف ، وهم طلقاء يسرحون ويمرحون ۔

– كيف لا أبكي السلم الأهلي والتعايش الاجتماعي بمدينتي ، بعدما أصبح يتهددهما من خطر التفرقة ، وإذكاء نار الفتنة ، نتيجة تشبع أصحاب النوايا البريئة والقلوب الضعيفة ، بدعاية بث الأحقاد وإحياء النعرات ، بعدما ترك لأصحابها ، الحبل على الغارب ليبثوا سمهم الفتاك ، في نسيج جسم مجتمع هش تحت يافطة الحرية المطلقة التي لا تعرف الحدود ولا القيود ؟

– كيف لا أبكي السلم الأهلي ، بعدما اصبح مشهودا من غياب تام للعدالة ، وعدم الفصل بين المتقاضين ، لتبقى نزاعاتهم الأسرية والاجتماعية والعقارية ، عالقة ويؤول بهم ذلك في النهاية إلى ما لا تحمد عقباه ، متجليا في القتل في أغلب الأحيان ؟

وكيف لا أبكي رغد العيش وسَعَتِه ، بعدما حل بمدينتي من صعوبة الولوج ، إلى كافة الخدمات التي لم يعد الاستغناء عنها ممكنا في ظل الحياة المدنية الجديدة ، وارتفاع الأسعار وسط غياب السند والرقيب ، وجشع التجار ليبلغ الأمر بأغناهم ، حد إيجار ظل محلاته لسيدات أرامل ، معيلات أسر ، بائعات نعناع وعلك وكسكس وخضر، بمبلغ 100 أوقية تجبى يوميا ، ويحرضهن على البلدية ، كلما قامت بمحاولة يائسة لتنظيم السوق وأبعدتهن عن الطرقات العامة ، لأن في ذلك حرمانا لتاجرنا الكبير من دخل معتبر ، في الوقت الذي تسد فيه معروضاته من أسرّة وأفرشة وغيرها ، وسط الشارع جاعلا من المتبقي منه موقفا لسيارته طيلة الدوام اليومي لعمله ؟

أسفا…!!! لقد استحقت مدينتي الحبيبة ودون منازع ، لقب مدينة الفوضى بكل تجلياتها ، ويتعزز لديك استحقاق هذا اللقب زيادة على ما سلف ، بما تشهده من مظاهر فوضوية في الشارع العام إذا كنت راجلا :

فالقمامة المتناثرة زينة جوانبه ، وحطام المباني مطبات في وسطه ، والحيوانات السائبة ترتع فيه ، وما تبقى منه فلك ، وللراكب سواء في السيارة أو على عربة حمار ، وللبائع والمتجول والمتسول والمتبول والمتمايل من “جنك ” ، رمى المتبقي من أخلاقه بعرض الحائط ، واقعا تحت تأثير مخدر ومنتشيا طربا من موسيقى هاتفه النقال ، ليصطدم بك دون إدراك .

أما إذا كنت راكبا فقد تتجلى لك الفوضى في مظهر أكثر إزعاجا ، لن تجد حياله من مخرج سوى الصبر وسعة الصدر ، حيث لن تخطئ نفسك واقعا في زحمة مرور خانقة ، تستدعي منك النزول لمعرفة سببها ، لتدرك أنه توقف سيارة أجرة وسط الشارع ، وتتفاجأ بأن صاحبها رقيب شرطة ، في سعة من أمره حتى يجلب زبناءه وأمتعتهم ، وبالجانب الأيسر من الطريق ، سيارة أجرة أخرى صاحبها هذه المرة معلم أكبر أبنائك ، وبهذين كان من المفروض أن تقتدي في احترام النظام والقانون ، وعند عودتك إلى سيارتك إذ الذي خلفك قد صدمها ، وبعد استدعاء معوض للشرطة وبدء التحقيق في الحادث ، يتم الكشف عن رخصة سياقة صاحبك ، ليُعَرّفها الشرطي بأنها من إصدارات فلان المعروف بتزوير الرخص ، وأنها تحمل صورة شقيق حاملها ، ورغم كل ذلك يطلق سراح صاحبك الجاني المزور .

وأخيرا ، أليس تعامل جميع المؤسسات العمومية والخصوصية مع مدينتي وساكنتها ، تعاملا ظالما وفوضويا ؟

وأخص بالذكر مثالا لا حصرا : البلدية ، شركة الماء ، شركة الكهرباء ، وشركات بناء الطرق .

أليس احتلال املاك الدولة من عقارات وواجهات طرق عامة في مدينة كيفه ، من طرف خصوصيين وافدين ، مظهرا فوضويا ؟

أليس ترك المجانين أحرارا سائبين ، يحضرون الاجتماعات الرسمية العامة ، ويعتدون على المارة ، ويعرضون الناس وأنفسهم للخطر ، مظهرا فوضويا ؟

النهاه ولد أحمدو

الهاتف 22442289

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى