هكذا كتب الحسين بن محنض علي صفحته اليوم:
رسالة عاجلة إلى رئيس الجمهورية
فخامة الرئيس..
قرأت أن الحكومة من خلال وزارة الصحة أجرت اليوم عشرات السيارات كي تجوب الداخل وتحث الناس على التزام طرق الوقاية من فيروس كورونا.. هل يمكن أن نعيد الزمن شهرا إلى الوراء كي تكون هذه الحملة مجدية؟ فالإعلام شديد التلف كالسمك، شديد التغير كالأمزجة، شديد الذوبان كالثلج، ولا يتلاءم مع بيروقراطية الحكومات التي لا تأخذ في الحسبان ذلك…
اليوم لا يوجد موريتاني بحاجة إلى هذه الحملة فقد كفته وسائل الإعلام الرسمية والحرة الوطنية ووسائل الإعلام الدولية ووسائل التواصل الاجتماعي مؤونة هذه الحملة حتى صار كل مواطن مهما كان على دراية تامة بالفيروس وسبل الوقاية منه..
واليوم أيضا على ما يبدو -وننتظر أن يتأكد ذلك خلال الأيام القليلة القادمة بإذن الله تعالى- لا يوجد كورونا في موريتانيا باستثناء حالات معزولة تمت السيطرة عليها أو حالات نائمة مفترضة افتراضا ضعيفا لم تظهر لها أي مؤشرات ولله تعالى الحمد والمنة حتى الآن ونرجو ألا تظهر أبدا..
إذن ما معنى هذه الحملة المتأخرة عن وقتها اليوم؟ هذه ليست الحملة الإعلامية التي نحن بحاجة إليها، هذه حملة في الوقت بدل الضائع..
الحملة الإعلامية التي نحن بحاجة إليها اليوم فخامة الرئيس هي التركيز على الحدود لتبصير السكان بخطورة التسلل والمتسللين، وتعليمهم كيف يترصدونهم وكيف يبلغون عنهم، فقد بلغني أن التسلل ما يزال يقع حتى اليوم من السينغال ومالي..
الحملة الإعلامية التي نحن بحاجة إليها اليوم فخامة الرئيس هي تبصير السلطات الحدودية كيف يتعاملون مع سيارات البضائع القادمة من الشمال والجنوب.. كيف تعقم وكيف يحجر على سائقيها وكيف تعقم حمولتها حتى لا يتسلل إلينا الفيروس على غفلة منا..
الحملة الإعلامية التي نحن بحاجة إليها اليوم هي تبصير المواطنين كيف يميزون أعراض كورونا من غيره من الأمراض في المتسللين وفي أنفسهم، وكيف أنه على المريض المشتبه في إصابته بكورونا ألا يذهب إلى المستشفى بل يتصل هاتفيا فقط بالرقم الأخضر وسترشده السلطات إلى ما يفعل..
الحملة الإعلامية التي نحن بحاجة إليها اليوم هي تلك التي ترفع معنويات المرضى بداء كورونا، وتطمئن المحجورين أن الحجر لا يراد منه إلا حمايتهم وحماية ذويهم ومجتمعهم وتهدئ الموريتانيين العالقين في الخارج وتعدهم بقرب الفرج.
الحملة التي نحن بحاجة إليها اليوم هي تلك التي تعلم المواطنين ما عليهم فعله خلال حظر التجول إذا مرض لهم مريض أو استجدت لهم ضرورة كالوفاة أو غيرها، وما عليهم فعله كي يتلقوا العلاجات عن بعد في الحالات غير المستعجلة وفتح خطوط هاتفية بين المرضى والأطباء لعلاجهم عن بعد كما فعلت دول كثيرة أخرى.
الحملة الإعلامية التي نحن بحاجة إليها اليوم هي حث المجتمع على التكافل في أجواء إغلاق الأعمال وحظر التجول وضرورة أن يتفقد كل جار جيرانه الضعفاء ومساعدتهم أو التبليغ عنهم، وانتداب كل حي لمعرفة سكانه الأكثر فقرا وتقديمهم للسلطات حتى لا تذهب المساعدة التي أعلن عنها فخامة الرئيس إلى لوبيات حتى لا أقول مافيات الأحياء التي تدور في فلك الحكام والولاة وتستبد بكل شيء لها ولجماعاتها دون المواطنين الضعاف..
الحملة الإعلامية التي نحن بحاجة إليها اليوم هي تلك التي تبصر المواطنين كيف يعرفون من هو أشد فقرا فيهم من خلال وضع معايير واضحة كالأسر التي لا معيل لها وليس فيها رجال، والأسر التي لا يملك أهلها بيوتا ولا اشتراكات في الماء والكهرباء والأسر التي لم تجد قدرة على المدارس الخاصة فتركت أولادها في المدارس العمومية…
أما التنبيه على خطورة المرض وإجراءاته الوقائية فقد باتت معروفة للجميع ويمكن القول اليوم بأنه قد تجاوزها الزمن..
فخامة الرئيس استدعو وزارة الإعلام وكلفوها باستيراتيجية إعلامية موازية ومواكبة للعمل الحكومي في هذا الصدد فالإعلام ليس من تخصص وزارة الصحة كما أن الطب ليس من تخصص وزارة الإعلام أو ردوا ميزانية العمل الإعلامي في هذا المجال على مساعدات الفقراء فهذا أجدى من الإعلام في الوقت بدل الضايع…