كيفه : من يفوز على من في بلدية أقورط؟

أغورط واحدة من كبريات البلديات الريفية في موريتانيا و أكبر بلدية

ريفية في مقاطعة كيفه حباها الله بالكثير من المناظر السياحية و

مقومات التنمية و يقع أغلب تجمعاتها السكنية على طريق الأمل بين

كيفه ثاني مدينة في البلاد و الطينطان أكبر مركز تجاري في الشرق،

يمكنها النهوض لو حظيت باهتمام من الحكومة و لفتة من السكان

تتمثل في حسن الترشيح و حسن الاختيار.

تشمل البلدية عدة مجتمعات تتفاوت في العدد و الاستعداد لخوض

“السياسة”، ظلت متمسكة بالثنائية القطبية رغم أن كلا القطبين يفضل

“القيادة” و لا يغادر إلا عندما تختار الطرف الآخر، لكن مؤخرا كثر

الخارجون عليها و كثرت لديهم الوسائل و الأعذار.

و في هذه السنة كانت الملاحظة الأبرز وجود داعم جديد من خارج

المجتمع التقليدي المتحكم في البلدية، أنفق بسخاء و كسب، كما

كسب حلفه التفوق و لأول مرة في تاريخ البلدية يتفوق الطرف

المعارض للقيادة التقليدية على الطرف الذي تدعمه.

يرى بعض المهتمين بالشأن المحلي أن عدة عوامل أدت إلى ذلك

الفشل من بينها عدم تحمس الناخب للعمدة المنتهية ولايته و كذا اختيار

مناديب حزبيين للبلدية من خارج سكانها منهم وزراء سابقون و أطر و

رجال أعمال مما ولد امتعاضا و شعورا بالغبن و الاستغلال، في حين لم

يتعب هؤلاء أنفسهم بالقدوم إلى البلدية التي كانت سبب صعودهم إلى

مؤتمر الحزب و لا حتى المساهمة ميزانية حملتها، ينضاف إلى ذلك

تقاعس الكثير من الأطر المتمسكين بالقائد التقليدي عن التخندق في

الصراعات الداخلية و اكتفائهم بالدعم في حالات المنافسة مع قبائل

أخرى.

كما أن كثيرا من أبناء الحاضنة التقليدية للمرشحين يشعرون بالتهميش

ويعددون الأطر والكفاءات العاطلة رغم ولائها للحزب الحاكم و للقبيلة و

هو ما ظهر جليا في الهبوط المستمر لنتائج الحزب في مكاتب

المجموعة من 2009 وحتى آخر انتخابات.

من جهة أخرى قد لا يستمر رجل الأعمال و البرلماني الصاعد في دعم

حلفائه في الشوط الأول فهو أولا أوصلهم لمركز لم يكونوا بالغيه إلا

بوجوده في صفهم و هذا في حد ذاته دفع للثمن، كما أنه ليس ملزما

بالاستمرار في استفزاز الرجل القوي في المقاطعة خصوصا أنهما كانا

حليفين و أمامها انتخابات رئاسية ساخنة تحتم اتحادهما كي لا تزيد

أصوات المعارضة، ثم إن هذا البرلمان وارد الحل إذ ليس من المنطقي

بعد تجربة سيدي ولد الشيخ عبد الله أن يستمر رئيس جديد مع برلمان

سبقه و هذا ما قام به الرئيس الشاب أمانويل ماكرون الذي حل البرلمان

ليتمتع بأغلبية تمرر مشاريعه و مدينة له.

و لئن كان نفوذ المجتمع التقليدي قد تراجع أمام أموال الخارج فإن هذه

الأخيرة لن تستمر في السياسة المحلية فلا عائدات المنصب البلدي

مغرية و لا تشكل استثمارا و لا العصبيات و التحالفات دائمة و أكبر

شاهد على ذلك تحالف عمدة كورجل مع الزعيم التقليدي رغم اختلافهما

في استحقاقات 2013.

و يبقى الأصلح أن نستخدم المال لتحسين أحوال الأقارب و الجاه لتعزيز

العلاقات الأخوية بينهم و لتكن حربنا على الجهل والفقر، و لنخرج من

جحر الأغبياء المستغَلين إلى فضاء المساهمة في تطوير الدولة و

النهوض بها، و لنفز على عقدنا و شعورنا بالدونية أو بالكِبر و لنعِ أن

منصب عمدة ريفي لم و لن ينجز شيئا لا يستحق كل هذا الجهد.

أعمر المختار محمد محمود

مهاجر

مقيم في غينيا بيساو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى