أستاذ من كيفه 3 يكتب ” ولا تعدُ عيناك عنهم..”/محمد عبد الرحمن محمد عالي “فاضل”

من ميدان العمل ومن بين الركام سأكتب لمعاليكم سطورا قليلة ليس الهدف منها تعكير مزاجكم، ولا تسعى للتشويش على خطكم، وليست للتزلف والتكسب، ولا يراد منها التودد والتقرب، وإنما أرادت تشخيصا دقيقا لمكمن الداء، ليَسْهُلَ بذلك تقديم الدواء..

لا يخفى عليكم -سيدي الوزير- ما للمدرس من دور بارز، فإليه أسندت التربية، وعليه ترتكز أسس التنمية، فالمدرس مُنْطَلَقُ كل إصلاح جاد، وعليه يُعَوِّلُ العاكف والباد…لذا من غير المقبول أن يظل مُمْتَهِنُ التدريس سيد المهمشين، وإمام المستضعفين البائسين، يُحبس عند طرق الأبواب، ولا يُشَفَّع إن شَفَع في الأصحاب، منبوذ في الإدارة، مرمي في مكبات للقذارة!
نُبِذَ بالعراء وهو سقيم، وأُرسل إلى مئة تلميذ أو يزيدون، حشروا في زنزانات ضيقة الأبعاد أشبه بالقبور منها إلى الدور، عُدَّةُ المدرس فيها مساطر متكسرة ،وطباشير رديئة مزورة، ينادي بصوت مبحوح فترمقه العيون ويبدأ بالكتابة على سبورة متقعرة فيسود الصمت ويبدأ الدرس عن “مبدأ السكون”
لا يُحتاج في الشرح لكثير عناء فالسكون والجمود هما دأب وزارته الوصية، وهو مفهوم أو مُتَفَهَّمٌ على عكس “مبدأ الحركة” الذي يتلقاه التلاميذ في قابل الأعوام وربما هو سر “حركيتهم” حين يمنعون من التسجيل في الجامعة..
نعود إلى المدرس -بشقيه- وإلى إهتماماته فهو لا يريد- كما الآخرون- زيادات كبيرة في عامين، ولا مؤسسات بطابقين، إنما يريد فصولا مقبولة وسبورات معقولة ورفعا لمعنويات مهدورة..
على ذكر المعنويات جئت في أحد الأيام لوزارة التهذيب أريد ورقة “كشف الراتب” -التي من المفترض أن توفر على الموقع لنقتنيها دون عناء- ودخلت طابورا طويلا لم يسلم من الزبونية، وكان المسؤولون عن سحب الورقة يغلقون الباب في وجوه المدرسين أحيانا ويتعللون ببطء الحواسيب أحايين أخرى، شأنهم في ذلك شأن العاملين بشقة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي في الوزارة وما تعاني من انقطاعات في الشبكة ورداءة في الأداء…ولا أخفيكم سرا أن أي إجراء يتعلق بوزارتكم دون تحقيقه خَرْطُ القتاد.
هذا واقعنا عند الوزارة وتلك معاناتنا بين جدرانها أما عند العامة وأمام حواجز الأمن فحري بك أن تكتم مهنتك لكي تسلم من الإهانة ويسلمون من الغيبة!
خلاصة الأمر -سيدي- أن أحوج ما يحتاجه المدرس هو التقدير والإحترام ثم وضع أسس سليمة لتشجيع المخلصين منهم وضمان شفافيتها..فاصبر نفسك معهم وقدر تضحياتهم وثمن جهودهم ولا تعدُ عيناك عنهم تريد أهل المصالح وحاشية السوء فهي تسعى لإفشالك وتهدف للتشويش عليك..فبالإنجازات يكتب الخلود، والرجال تعرف بالمواقف، والمواقف لله ثم للتاريخ..

محمد عبد الرحمن محمد عالي “فاضل”
أستاذ الفيزياء والكيمياء بثانوية كيفة3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى