عربي بوست: 12% ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ…

ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻔﻴﻦ ﻳﺜﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﺑﺸﺄﻥ ﺻﺪﻕ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺇﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ، ﺭﻓﺾ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺇﻳﻤﺎﻧﻮﻳﻞ ﻣﺎﻛﺮﻭﻥ ﻣﺆﺧﺮﺍً ﺍﻧﺘﻘﺎﺩ ﻣﺠﻠﺔ ” ﺷﺎﺭﻟﻲ ﺇﻳﺒﺪﻭ ” ، ﺑﻌﺪ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻧﺸﺮ ﺭﺳﻮﻡ ﻣﺴﻴﺌﺔ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ، ﻣﻌﺘﺒﺮﺍً ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ” ﺣﺮﻳﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮ ” ، ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﻮﺑﻴﺨﻪ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﺼﺤﻔﻲ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻧﺸﺮ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﺎ ﺩﺍﺭ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ ﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺭﻋﺪ .
ﻣﺎﻛﺮﻭﻥ ﻗﺎﻝ ﺇﻧﻪ ” ﻟﻴﺲ ﻣﻀﻄﺮﺍً ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺭﺃﻳﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ‏( ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺮﺳﻮﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺌﺔ ‏) . ﻻ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﺑﺪﺍً ﻓﻲ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺻﺤﻔﻲ ﺃﻭ ﻏﺮﻓﺔ ﺗﺤﺮﻳﺮ؛ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺘﻤﺘﻊ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ .”
ﻛﻤﺎ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﻣﺎﻛﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ” ﺣﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﻒ ‏( ﺍﺯﺩﺭﺍﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ‏) ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ . ﺃﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ، ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻧﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﻳﻒ .”
ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺗﺠﺎﻫﻠﻪ ﻣﺎﻛﺮﻭﻥ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺭﻓﻀﻪ ﻟﻺﺳﺎﺀﺓ ﻟﺮﻣﺰ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﺗﺤﺮﻳﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ، ﻓﻠﻢ ﻳﻄﻠﺐ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻪ ﻭﻗﻒ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ، ﻟﻜﻦ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺭﺃﻳﻪ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ، ﻭﺭﻓﺾ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ .
ﻭﻟﻜﻦ ﺣﺮﻳﺎﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﻣﺎﻛﺮﻭﻥ ﻟﻢ ﺗﻄﻖ ﻣﻬﺎﺭﺓ ﺻﺤﻔﻲ ﻗﺎﻡ ﺑﻌﻤﻠﻪ ، ﺇﺫ ﺃﻇﻬﺮ ﻣﻘﻄﻊ ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﻮ، ﻧﺸﺮﺗﻪ ﺷﺒﻜﺔ “LCI” ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﺍﻷﺭﺑﻌﺎﺀ 2 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ /ﺃﻳﻠﻮﻝ 2020 ، ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻏﺎﺿﺒﺎً ﻭﻳﺘﺤﺪﺙ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺟﻮﺭﺝ ﻣﺎﻟﺒﺮﻭﻧﻮ، ﻗﺎﺋﻼً ﻟﻪ : ” ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ‏( ﻧﺸﺮ ﻓﺤﻮﻯ ﻛﻼﻡ ﻣﺎﻛﺮﻭﻥ ﻣﻊ ﺭﻋﺪ ‏) ، ﻣﻊ ﺍﻷﺧﺬ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻭﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻌﺮﻓﻪ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ، ﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺆﻭﻝ .”
ﻛﻤﺎ ﺗﺎﺑﻊ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻗﺎﺋﻼً : ” ﻫﺬﺍ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ، ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻌﻨﻴﻴﻦ ﻫﻨﺎ، ﻭﺧﻄﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ .. ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺩﺍﻓﻌﺖُ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻦ، ﺳﺄﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺩﺍﺋﻤﺎً، ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﺗﺤﺪﺙ ﺇﻟﻴﻚ ﺑﺼﺮﺍﺣﺔ، ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘَﻪ ﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﺧﻄﻴﺮ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﻬﻨﻲ ﻭﺗﺎﻓﻪ .”
ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻼﻡ ﺻﺤﻔﻲ ﻟﻨﺸﺮﻩ ﺧﺒﺮﺍً ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺻﺤﻴﺤﺎً، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻟﻸﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺃﺩﺍﺓ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪﺓ ﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ، ﺍﻷﻫﻢ ﺃﻳﻬﻤﺎ ﺃﺧﻄﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺣﻮﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﻣﺎﻛﺮﻭﻥ ﻭﻗﻴﺎﺩﻱ ﺑﺤﺰﺏ ﻟﺒﻨﺎﻧﻲ ﻣﺜﻴﺮ ﻟﻠﺠﺪﻝ، ﺃﻡ ﺍﻹﺳﺎﺀﺓ ﻟﻨﺒﻲ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻭﻧﺼﻒ ﺍﻟﻤﻠﻴﺎﺭ ﺷﺨﺺ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ .
ﻳﻈﻬﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻭﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﻨﺨﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺑﺼﻮﺭﺓ ﺃﻗﻞ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ .
ﻓﻬﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺣﻘﺎً ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﻮﻟﺔ .
ﻣﺎ ﻣﺪﻯ ﺻﺪﻕ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎً؟
ﻟﻦ ﻧﺘﻮﻗﻒ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻋﻨﺪ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻠﺖ ﻟﺬﺭﻭﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ، ﺣﻴﺚ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻓﻊ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﻣﺎﺯﻳﻐﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎً ﻟﻢ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﻧﺴﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺒﻠﻮﺍ ﺃﻛﺬﻭﺑﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻻﻧﺪﻣﺎﺟﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﻀﻤﺎﻡ ﻟﺪﻋﺎﺓ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺍﻛﺘﺸﻔﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﻮﻥ ﻓﻲ ﺣﺮﻭﺏ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟﻢ ﻳﻨﺎﻟﻮﺍ ﺣﺘﻰ ﺣﻖ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺤﻮﺍ ﻣﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ .
ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺳﻮﻑ ﻧﺨﺘﺒﺮ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ، ﺩﺍﺧﻠﻴﺎً، ﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﻣﺪﻯ ﻃﺒﻘﺖ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ .
ﻇﻬﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﺫﺭﻭﺓ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ
ﺑﺪﺃﺕ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻊ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻓﻌﺖ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﻣﻨﻌﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ .
ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺆﺩ ﺭﻏﻢ ﺷﻌﺎﺭﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺒﺮﺍﻗﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻏﻴﺮﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ، ﺇﻟﻰ ﻗﻴﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ، ﺑﻞ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻧﻈﺎﻡ ﻓﻮﺿﻮﻱ ﻋﻨﻴﻒ، ﻗﺎﻡ ﺑﺎﺿﻄﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺘﺪﻳﻨﻴﻦ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﺳﻮﺃ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﺩﺍﺗﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻘﺼﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ” ﺍﺫﻫﺐ ﺑﺄﺧﻴﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺼﻠﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﻚ ﺇﻟﻴﻬﺎ .”
ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﻮﻟﻰ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ ﺑﻮﻧﺎﺑﺮﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻟﻴﻘﻴﻢ ﻧﻈﺎﻣﺎً ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺎً، ﺍﺗﺴﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﺍﺛﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺩﻛﺘﺎﺗﻮﺭﺍً، ﻭﺍﻷﻏﺮﺏ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺠﺒﺎً ﺑﺎﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﺎﻫﺮﻫﺎ، ﻭﺳﻌﻰ ﻟﺨﻠﻖ ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﺎﺷﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺣﺎﺭﺑﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .
ﻭﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺮﻥ ﻭﻧﺼﻒ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻳﻴﻦ ﺳﻤﺔ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﺤﻜﻢ ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﻭﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﺩﻭﻣﺎً، ﺍﻷﻫﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺇﻥ ﺳﺎﺩﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺩﻭﻣﺎً ﺗﻬﻤﻴﺶ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺘﻌﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﺣﻘﺎً ﻃﺒﻴﻌﻴﺎً ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ، ﻛﺄﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ، ﻭﻫﻲ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺳﺎﺋﺪﺓ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺗﻄﺒﻖ ﺑﺎﻷﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ .
ﺍﻋﺘﺒﺮﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﺸﻮﻩ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺍﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻗﺎﺑﻠﻪ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﻛﺄﺩﺍﺓ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ، ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻠﻴﻒ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻭﻧﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ .
ﻭﻟﻜﻦ ﻗﻤﻊ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺮﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻤﻊ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻤﻜﻮﻧﺎﺕ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ .
ﻭﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﻣﻦ ﻗﻤﻊ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻣﺎ ﻧﺮﺍﻩ ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻣﻦ ﺍﺿﻄﻬﺎﺩ ﻟﻠﺮﻣﻮﺯ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻟﻪ ﺟﺬﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ .
ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺒﺎﺭﻳﺴﻲ
ﺃﻭﻻً ﻟﻜﻲ ﻧﻔﻬﻢ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ، ﻓﻴﺠﺐ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺇﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻣﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻟﻐﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻭﻣﺤﻴﻄﻬﺎ ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ .
ﻓﻔﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻧﺸﺄﺕ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻮﺳﻊ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺍﺭ ﻗﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﻣﻌﻘﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻟﻠﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻟﻬﺎ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﻭﺃﺳﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ، ﻭﺍﻷﻫﻢ ﻟﻐﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﻐﺎﺕ ﻻﺗﻴﻨﻴﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻟﻠﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﻘﺮﺍﺑﺔ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻟﻬﺎ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﻟﻐﺔ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺑﺮﻳﺘﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮﺩ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ ﻟﻠﺠﺰﺭ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ .
ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻫﻮﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮﺍً، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﺣﻤﻠﺘﻪ ﻣﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ، ﻗﻀﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻣﺞ ﺍﻟﻄﻮﻋﻲ، ﻭﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻘﺴﺮﻳﺔ .
ﻭﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍً، ﻛﺎﻥ ﻗﻤﻊ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻟﻬﺠﺔ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺭﺳﻤﻴﺔ ﺟﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ .
ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻬﺘﻤﺔ ﺑﻠﻐﺎﺕ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪﺛﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻃﻠﺒﺖ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻛﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﻟﻠﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ .
ﻭﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻤﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﻠﻐﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ، ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﻡ ﻟﻤﻌﻈﻢ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ، ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺃﺟﺮﺍﻩ ﻫﻨﺮﻱ ﺟﺮﻳﺠﻮﺍﺭ ﻋﺎﻡ 1794 ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﺪﺩﻫﻢ 25 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻧﺴﻤﺔ، ﻫﻨﺎﻙ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﺻﻼً ‏( ﺃﻱ %12 ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ‏) ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﺒﻼﺩ، ﻣﺜﻞ ﺍﻷﻟﺰﺍﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﻭﻛﻴﺘﺎﻧﻴﺔ .
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﺜﻞ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺤﻀﺮ ﻭﻇﻬﻮﺭ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮﻱ، ﺗﻢ ﺗﺒﻨﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎً ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً، ﻭﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻋﻦ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻹﻳﻐﻮﺭ، ﺃﻱ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ .
ﻓﺨﻼﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺃﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﺗﻔﻀﻞ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺎﺭﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﺯﺩﺭﺍﺀ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ . ﺍﻓﺘﺮﺽ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺮﺟﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺗﻔﻀﻞ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﻣﺤﺪﻭﺩ .
ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1794 ، ﻗﺪﻡ ﺑﺮﺗﺮﺍﻧﺪ ﺑﺎﺭﻳﻴﺮ ” ﺗﻘﺮﻳﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ” ﺇﻟﻰ ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﺇﻥ ” ﺍﻟﻔﻴﺪﺭﺍﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺎﺕ ﺗﺘﻜﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﺘﻮﻧﻴﺔ ” ‏( ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ‏) .
ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ، ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻟﻐﺎﺕ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ .
ﻓﻔﻲ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻭﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ . ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻮﻥ ﺑﺈﻫﺎﻧﺔ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﻢ ﻟﻐﺎﺗﻬﻢ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ، ﻭﻇﻠﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺳﺎﺋﺪﺓ ﺣﺘﻰ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﺕ .
ﺑﺪﺃ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1794 ﻣﻊ ” ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻫﻨﺮﻱ ﺟﺮﻳﺠﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﻭﺗﻌﻤﻴﻢ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .” ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﻟﺰﺍﻣﻴﺎً، ﺗﻢ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻘﻂ ﻭﻋﻮﻗﺐ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺃﻱ ﻟﻐﺔ ﺃﺧﺮﻯ .
ﺗﻢ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﻟﻠﻤﺪﺭﺳﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﻃﻘﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻢ ﺇﺭﺳﺎﻟﻬﻢ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺜﻞ ﺃﻭﻛﻴﺘﺎﻧﻴﺎ ﻭﺑﺮﻳﺘﺎﻧﻲ .
” ﺗﺬﻛﺮﻭﺍ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ : ﻟﻘﺪ ﺃﻋﻄﻴﺘﻢ ﻣﻨﺎﺻﺒﻜﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻗﺘﻞ ﻟﻐﺔ ﺑﺮﻳﺘﻮﻥ ” ، ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﻣﻦ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻟﻠﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﻓﻴﻨﻴﺴﺘﻴﺮ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ‏( ﻏﺮﺏ ﺑﺮﻳﺘﺎﻧﻲ ‏) .
ﻭﻛﺘﺐ ﻣﺤﺎﻓﻆ ﺑﺎﺱ – ﺑﻴﺮﻳﻨﻴﻪ ﻓﻲ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺍﻟﺒﺎﺳﻚ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ :1846 ” ﺗﻬﺪﻑ ﻣﺪﺍﺭﺳﻨﺎ ﻓﻲ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺍﻟﺒﺎﺳﻚ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍً ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺒﺎﺳﻚ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .”… ﺗﻢ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺃﻥ ﻟﻐﺎﺕ ﺃﺟﺪﺍﺩﻫﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻗﻞ ﺷﺄﻧﺎً ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺨﺠﻠﻮﺍ ﻣﻨﻬﺎ، ﻋُﺮﻓﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﺎﻷﻭﻛﻴﺘﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﺳﻢ ‏( Vergonha ‏) .
ﻫﻞ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻔﺮﻕ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻹﻳﻐﻮﺭ ﺣﺎﻟﻴﺎً؟
ﻫﻞ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﺗﻬﻤﻴﺶ ﻟﻐﺎﺕ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻗﺎﺋﻤﺎً؟
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻗﻞ ﻓﺠﺎﺟﺔ .
ﻓﻔﺮﻧﺴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﻮﻥ ﻣﺤﺎﺿﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻟﻸﻗﻠﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ .
ﻓﻘﺪ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻲ ﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻟﻐﺎﺕ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﻮﻗﻌﺔ ﺑﺎﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ، ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1999 ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻓﻲ 27 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ / ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ 2015 ، ﺭﻓﺾ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﺩﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ .
ﻟﻐﺎﺕ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻭﺷﻚ ﺍﻻﻧﻘﺮﺍﺽ
ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺃﻥ ﻟﻐﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﻛﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﻭﻛﻴﺘﺎﻧﻴﺔ Occitan ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻮﺩ ﻓﻲ ﻧﺤﻮ ﻧﺼﻒ ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﻭﻳﺘﺤﺪﺛﻬﺎ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﻨﻘﺮﺽ ﺍﻵﻥ، ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﺃﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻣﺘﺤﺪﺛﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺄﻱ ﺻﻔﺔ ﺭﺳﻤﻴﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﺭﺳﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺃﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﺃﻋﺪﺍﺩ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ ﺑﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﻛﺎﺗﺎﻟﻮﻧﻴﺎ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻲ .
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻟﻐﺔ ﻳﻮﻣﻴﺔ ﻟﻤﻌﻈﻢ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﺮﻳﻒ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻭﻛﻴﺘﺎﻧﻴﺔ ‏( ﺃﻭ ﺍﻷُﻛﺴِﺘﺎﻧﻴﺔ ‏) ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺑﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﺣﻮﺍﻟﻲ 100 ﺃﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﺘﻘﺪﻳﺮﺍﺕ ﻋﺎﻡ .2012
ﻭﺍﻷﻭﻛﻴﺘﺎﻧﻴﻮﻥ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ 200 ﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻹﺫﻻﻝ، ﻧﺎﺩﺭﺍً ﻣﺎ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺃﻭﻛﺴﻴﺘﺎﻧﻴﺎ ‏( ﺃﻭ ﺃﻭﻛﻴﺘﺎﻧﻴﺎ ‏) ، ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﺑﻬﺎ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﺘﺤﻮﻟﻮﻥ ﻋﻤﻮﻣﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎﺀ .
ﻭﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﺄﺳﺎﺓ ﻟﻐﺔ ﺑﺮﻳﺘﺎﻧﻲ ﺃﻛﺒﺮ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻭﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻮﺍﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﻟﻪ ﺗﺎﺭﻳﺨﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻧﺴﺒﻴﺎً، ﺃﺩﺕ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻭﺍﻻﺯﺩﺍﺀ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻱ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻛﺎﻥ ﺣﻮﺍﻟﻲ 200 ﺃﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﻓﻘﻂ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﻟﻐﺔ ﺑﺮﻳﺘﺎﻧﻲ، ﻭﻫﻮ ﺍﻧﺨﻔﺎﺽ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ .1950 ‏( ﻻﺣﻆ ﺃﻥ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ﺗﻀﺎﻋﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ‏) ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺛﻴﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﺰﻳﺪ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ ﻋﻦ 60 ﻋﺎﻣﺎً، ﻭﺗﺼﻨﻒ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﺘﻮﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻐﺔ ﻣﻬﺪﺩﺓ ﺑﺎﻻﻧﻘﺮﺍﺽ .
ﻭﻳﺴﺘﻤﺮ ﺍﻻﻧﺨﻔﺎﺽ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﻟﻠﻐﺔ ﺑﺮﻳﺘﺎﻧﻲ، ﻣﻊ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺘﺤﺪﺛﻴﻦ ﺃﺣﺎﺩﻱ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ .
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻭﺻﻞ ﺣﺘﻰ ﻟﻤﻨﻊ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﺑﺄﺳﻤﺎﺀ ﺑﺮﻳﺘﺎﻧﻴﺔ، ﻓﻔﻲ ﻋﺎﻡ 1993 ، ﺳُﻤﺢ ﻟﻠﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺧﻴﺮﺍً ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎً ﺑﺈﻋﻄﺎﺀ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺃﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ﺍﻟﺒﺮﻳﺘﺎﻧﻴﺔ .
ﻳﺜﺎﺭ ﻫﻨﺎ ﺳﺆﺍﻝ : ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻐﻨﻰ ﺑﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺍﻟﻤﻌﺠﺒﻮﻥ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﻘﻴﺪﺓ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻟﻐﺘﻪ ﺍﻷﻡ ﻣﻘﻴﺪﺓ ﺗﺤﺖ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﻳﺎﺕ ﺍﻷﻣﻢ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻗﻤﻌﺖ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻭﻧﺸﺮ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﻟﻮﻛﻮﺳﺖ ﻣﻤﻨﻮﻋﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﺳﺎﺀﺓ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ، ﻓﻤﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﺯﺩﺭﺍﺀ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﻒ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺎﻛﺮﻭﻥ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى