كيفه : سيداتي ولد آبه : الرجل الرمز/ الوزير السابق ولد سيد أحمد اياهي

نازعتني نفسي في ألا أكتب عن هذا الرجل متحججة بأنه لا يمكن أن يكتب عنه أو يقال إلا ما قد قيل لأن الشعراء والأدباء لم يتركوا من متردم ، وقد
تغلبت على تلك النزعة وإن كانت موضوعية فأدليت بدلوي ، لأن الرموز
الوطنية وسيداتي أحدها لها حق ودين في عنق كل مواطن وطني ، هذا الفنان
العظيم ، المرحوم سيداتي ولد آبه سليل أسرة فنية عريقة ، حبب إلى أهل
موريتانيا سماع الإذاعة وربطهم بوطنهم الذي لم يكونوا يعرفون عنه كدولة
أمة إلا القليل القليل … فأصبح جهاز المذياع على منكب الراعي في ماشيته
وعلى عريش المزارع بين براعم زرعه ، فما هو إذن السر الذي حبب إلى الناس
هذا الفنان أكثر من غيره ؟
إنه صوته وحنجرته المحركة للمشاعر والممتعة للنفوس ، ولغته الجميلة
الصحيحة ، فمن رآه أو سمعه يتفاعل مع آلته الصماء الناطقة (التيدنيت )
شدا ورخوا إصغاء ، متابعة وحركات وسكنات فسيدرك أنه قد جمع بذلك أعمال واختصاص فريق موسيقي بكامله ، فالموسيقى تعرف أصلا بأنها : غناء وعزف وإيقاع .
وقد جمع الفنان الموريتاني بإبداعه كل ذلك وحده مع آلته متمكنا من مداعبة
أوتارها وعودها دون الحاجة إلى جوقة موسيقية لكل واحد منها دوره المحدد .
وقد كان الفنان عبر التاريخ أحد أركان الإمارة الموريتانية : الأمير والقاضي والمعلم والفنان … ولكل واحد دوره ومجلسه ومحبوه ، وقد كانت
أسرة أهل سدوم ولد انجرت حاضرة في حياة وتاريخ الإمارات في هذه البلاد ،
التي يمتاز شعبها بتقدير كل عبقري نبغ في ميدانه سواء كان علما أو أدبا
أو فنا ، أو شعرا عاميا أو فصيحا ، والمرحوم سيداتي كان عبقري الاستقلال
الوطني حيث غنى بكلمات النشيد الوطني في ذلك الوقت ، وغنى نشيد الإذاعة ،
كما غنى للعملة الوطنية الأوقية عند ظهورها للتداول عام 1973 م ، وقد
تربع على عرش إمارة الفن بامتياز في تكانت ، هضبة وأرض الأمراء ،
والأولياء ، والشعراء من كنت وادوعيش …الخ ولعل أصدق ما يوصف به سيداتي
هو ذلك الكاف الذي قال فيه صاحبه :
ادخلت الهول معروك واملكت عن شعرت ذالفن
بدخولك ان الملوك إذا دخلو قريتين .

سيد أحمد اسماعيل سيد أحمد اياهي
كيفة بتاريخ :29/09/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى