كيفه: رحيل الأعيان مهيج للأشجان

قد يكون لوفاة البعض أثر عميق في النفوس بسبب قرابة أو محبة أو معرفة أو نخوة تستدعي الحديث والشهادة بالحقيقة للميت نفسه وهذا ما دفعني اليوم إلى الكتابة عن الخال الفقيد الراحل إدوم ولد أهل أعمر الذي وافاه الأجل المحتوم ليلة الجمعة الموافقة 25/ 10/2019 وذلك بعد رحلة استشفائية إلى اسبانيا دامت ثلاث سنوات وثمانية أشهر نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون.

لقد ولد إدوم ولد هود ولد أهل أعمر أواخر الخمسينيات من القرن الماضي ونشأ في بيت ورع وزهد وصلاح في حضن أبوين كريمين يتعهدانه بالرعاية والتعليم والتربية يوصيانه بالتقوى وينصحانه بمنفعة المسلمين، نهل من معينهما الصافي وقد درس القرآن الكريم على شيخه محمد الأمين ولد بخوصه في “انواملين” بعده سافر رفقة والده عليهما رحمة الله إلى شيخ الشيوخ ورجل الزهد لمرابط “الحاج ولد فحفو” فأقام عنده زمنا كتب عليه بعض كتب الفقه وتأثر بزهده كثيرا

رحل رحمه الله في تحصيل العلم النافع متجها إلى أرض “أفل” شرق مدينة كيفه مع رفيق دربه آنذاك محمد المصطفى ولد احريمو فمكث عند محضرة “أهل أحمد خيار” حيث الشيخ العارف بالله أحمد ولد سيد محمود القلاوي الذي أحبه وأسند إليه الكثير من شؤون محضرته ومؤونة أهل بيته وقد أخذ عنه إجازة القرآن الكريم في مقرإ الإمام نافع بروايتي ورش وقالون لينتقل إلى محضرة “أهل صالح” البوصاديين الواقعة بين “أفل” و “مكطع اسفيره” وكان شيخها العلامة محمد أحيد ولد عبده ولد عبد الله ولد محمد صالح فدرس عليه مبادئ النحو وإضاءة الدجنة في التوحيد وبعض كتب الفقه وبعد سنين من الإقامة ودعهم وما كادوا يقبلون.

وقد عرف الفقيد – عليه رحمة الله – بالتواضع والاستقامة في بساطة وصبر ودماثة خلق وبشاشة وجه وقضاء حاجة فقد مارس مهنة التجارة سنوات عديدة بكيفه، وكان محله التجاري قبلة لذوي الحاجات والاحتياجات وعونا للمساكين والفقراء قبل أن يرتمي صريع المرض يعاني آلام داء عضال ويتحمل تكاليف علاج مجحف، وعلى الرغم من هذا كله فقد ظل قويا أمام سطوة المرض والألم وفرقة الأهل والوطن صابرا محتسبا واثقا بالله متوكلا عليه.

رحل عنا رجل الأخلاق الحسنة والأفعال الحميدة ابن أسرة الأخوال (أهل أعمر) تلك الأسرة التي عرفت بالمخافة والصلاح لكن لم يرحل عنا ذكره الجميل وسمعته الحسنة وكأن شاعر النيل قد قصده بقوله:

تزودت من دنياك ذكرا مخلدا * وذاك لعمري نعم زاد المسافر

يحي محمد عبد الدائم اتلاميد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى