من أخلاق الكتابة والتدوين/ سيدي أحمد مولود

يبدو أن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بحاجة ماسة إلى قراءة كتاب: “محارم اللسان” للعالم الرباني محمد مولود ولد أحمد فال رحمه الله، مع مراجعة دائمة لمقدمة الأخضري التي يجب أن تكون دستورا اجتاعيا، وميثاقا أخلاقيا يتعاهد الناس على الالتزام به، فهي أول ما يُدرس للأطفال، لكنهم سرعان ما يَنسونها بعد البلوغ للأسف.
إن التجسس على الناس وتسريب خصوصياتهم من أعظم الكبائر والذنوب، هذا إن كان ما يحتويه التسريب صحيحا، أما إن كان كاذبا، فيكون صاحبه قد جمع بين ثلاث كبائر: التجسس والقذف، والكذب.
ومن ينشر الفوكلات والكتابات الغرامية المنسوبة كذبا أو صدقا لأي شخص، فقد جمع بين الغباء وخبث الطوية، وانطبقت عليه الآية الكريمة (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين لهم عذاب أليم).
كما أن نقل المنشورات التي تحتوي على معلومات تعرض ببعض الناس، أو تنتهك خصوصياتهم، أمور عمت بها البلوى بحيث أصبح يشترك فيها العاقل والغبي، والجاهل والمتعلم، من حيث يعلمون أو لا يعلمون، ولا شك أيضا أن نقل الأخبار والشائعات من غير تثبت يُدخل صاحبه في نطاق الحديث الشريف (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع).
أما إذا انطوت هذه الأخبار على النيل من أعراض الناس، أفرادا أو جماعات، فهي أعظم إثما، وأفدح جرما، لما قد تحمله من البهتان والقذف والغيبة المحرمة شرعا.
وبناء على ذلك يجب التريث في نقل المعلومات قبل التثبت من صحتها، مع تجنب نقل المنشورات التي تقع في أعراض الناس أو تعرِّض بهم، قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – (من كان يؤمن بالله واليوم الآخير، فليقل خيرا أو ليصمت)، واليحذر المُدوّن من كل ما قد يسوِّد صفحته يوم القيامة من كتابة أو صور أو مقاطع صوتية، ففي الحديث الشريف (وهل يكب الناس على وجوهمم – أو على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم).
ومن واجب الكتاب والمدونين أن يبتعدوا عن إثارة النعارات القبلية والفئوة، لأن أسوأ ما فيها، أنه حين تصدر عبارة عنصرية من شخص متطرف تجاه شريحة مُعيَّنة، ستعتبر الشريحة المُساء عليها تلك العبارة الشاذة موقفا رسميا لشريحة المُسيء، متجاهلة أن هذا الشخص لا وزن له، ولا يمثل إلا نفسه.
ومن السذاجة والجهل أن يجعل المدون من خصوصياته مادة دسمة يتغذى عليها كل من هب ودب من شذاذ الآفاق، أو يتخذ زوجاته لافتة ينظر إليهن من شاء، متجاهلا أنها ملك له فقط دون سواه.
إن الكتابة عن الأمور المثيرة للجدل قد تجعل الشخص مشهورا، لكنها ستضره في الدنيا والآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى