كيفه : موريتانيا بين ثنائيتي : الامتداد والقطيعة

موريتانيا بين ثنائيتي : الامتداد والقطيعة
إن بناء الدولة وتضافر الجهود مسألة تقع على عاتق الجميع ’ موالاة ومعارضة ’ فليست الموالاة صفة دائمة ولا المعارضة كذلك ’ فقد تتحول المعارضة موالاة كما العكس عندما تتاح الفرصة لنجاح الأولى والحصول على نيل ثقة أصوات الشعب عبر صناديق الاقتراع التي هي الفيصل في اللعبة الديمقراطية ’ ولهذا فليعذر بعضنا البعض بروح رياضية عندما تتاح لهم فرصة المشاركة في بتاء الدولة التي خرجت من رحم نضالاتنا جميعا خاصة عندما تسند بعض المهام لغيرنا بغية خدمة البلد والاستفادة من تجاربه وخاصة أن للوطن والدولة علينا حقوقا كما نحن أيضا وأن نبتعد عن سياسة الكيل بمكيالين لنفسح المجال على مصراعيه لبعضنا كي يخدم الوطن ’ ذلك أن سياسة الكيل بمكيالين والهيمنة على المناصب وكأنها ملك أزلي لم يعد الزمن ليقبلها ’ فنحن نعيش القرن الواحد والعشرين ولكل زمانه ’ فهذا القرن قرن الشراكة والمساهمة الفاعلة في خدمة الوطن والمواطن قبل خدمة أنفسنا وتحصيل الثراء على حساب المواطن والوطن خاصة وأننا حظينا بقيادة همها الأوحد هو خدمة الوطن والمواطن بدل خدمة الجيوب والبطون المنتفخة والممتلئة دوما ’ أي أنه يتحتم علينا الابتعاد عن سياسة ملء البطون وأن نشد أحزمتنا على بطوننا ونصوم ونصون أنفسنا عن أكل المال العام لكي نحقق الحكامة الرشيدة والتنمية المستدامة الشاملة وهذان المفهومان لا يمكن تحقيقهما إلا بوجود إرادة سياسية حكيمة ورزينة وعين ساهرة وقد تجسد ذلك والحمد لله لحظة ميلاد تسلم رئيس الجمهورية السيد محمد ولد محمد أحمد الشيخ الغزوانى للسلطة وهو ما يعنى أن ثمة قطيعة تامة مع الممارسات البائدة على جميع الأصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ’ انها قطيعة مع التفرد والاستئثار بالسلطة’ قطيعة مع الفساد الذي استشرى في مفاصل الإدارة ’ قطيعة مع التعيينات القبلية والجهوية ’ وأخيرا قطيعة مع إنهاك اقتصاد الدولة وتبييض الأموال والتلاعب به .
إنها قطيعة كرونولوجية سيستاماتية ـ وليست امتدادا ـ تجد مثارها ومدارها في المشروع والبرنامج الانتخابي للرئيس الذي زكاه الشعب ليعلنها نهارا جهارا أنه مع المشروع الإصلاحي لرئيس الجمهورية انه المشروع النهضوي الذي سيكون بارقة أمل ترتسم على محيا المغبونين الذين عضتهم أنامل سوء التسيير فسامتهم سوء عذابات الجوع مخلفة أمعاءهم تتحدث عن مدى تضورها جراء ما اكتسبته في الأحقاب الماضية من الظلم والمسغبة والقهر والتهميش المسلط على رقابها ’ لتجد ضالتها في شخص برنامج رئيس الجمهورية لتتحقق نبوءتهم { ان مع العسر يسرا } ’ وأن القيد لاشك ينكسر وأن الألم صار أملا.
إن تجسيد مملكة العدالة على الأرض أصبح ضرورة ’ أي من الأولويات التي لا يمكن للدولة الاستقامة دونها ’ وهو ما يعبر عنه مشروعكم النهضوي الذي تقدمتم به للشعب الموريتاني وهو ما جعله يجد صدى واسعا لدى غالبية الشعب خاصة شريحة المغبونين والتي تعرضت للغبن منذ نشأة الدولة وحتى يومنا هذا سواء على مستوى المناصب السياسية أو الانتحابية ’ فكانت الغائب الأبرز والأكبر في الإقصاء والتهميش والأقل دخلا واستفادة من الثروة الوطنية وهذا يعود إلى غياب الإرادة السياسية الجادة والتي تحول دون التحسين من وضعيتهم المزرية والمتردية وهي نفس الإرادة التي تحول دون ولوج أبناء هذه الشريحة لعالم التجارة والمال والأعمال واستفادتهم من رخص الصيد فلا تكاد تجد واحدا منهم يمكن أن نخلع عليه صفة رجل أعمال فما بالك بالحصول على صفقات عمومية التي تبقى محتكرة من لدن ثلة قليلة وهي الممسكة بزمام السلطة ولقد كان للجفاف نصيبه في تفاقم وضعية هذه الشرائح المغبونة حيث ضرب ـ بأطنابه إبان السبعينيات من القرن الماضي ـ هذه المكونة في الوقت الذي لم تتخذ فيه الدولة العميقة أية إجراءات تذكر للتخفيف من وطأة تلك المعاناة بل عمدت الى خلق رجال أعمال مقربين
لتعيش الغالبية المغبونة بين فكي كماشة وتحت رحمة الأثرياء المصطنعين وبشكل عام تبقى هذه الفئة المتضرر الأول والأكبر من الوضعية الاقتصادية الحالية وضعية طابعها التوزيع غير العادل للثروات الوطنية لترتسم على محيا أدوابه والكبات …الخ .
ولهذا فان المشروع الغزواني لم يأت من فراغ بل كان نتيجة ومحصلة تعكس رؤى وأمال وطموحات وآلام وأناة فئات ’ بل شعب بأكمله انتشلته أيادى الأقدار من بطش نظام لا يرى في مفهوم الدولة إلا أنها بقرة حلوب وملك له وبطانته تاركين الشعب المسكين المقهور تحت خط الفقر المدقع باسم مفاهيم مغلوطة من مثل الحكامة الرشيدة والتسيير المعقلن والتي لا تنعكس وقعانيا على أرض الواقع ’ إنها إيديولوجيا الأنظمة المتعاقبة ’ إيديولوجيا زائفة ومقنعة’ الغرض منها التضليل الشعبي وخلق ثلة يكمن دورها في الدفاع المستميت و المحافظة على تلك الايدولوجيا الزائفة الممزوجة والمطمورة بمساحيق التقسيم غير العادل للثروة الوطنية التي لا وجود لها أصلا إلا في أدمغة أصحابها ’ ولذا كان المشروع النهضوى الغزواني تعبيرا صادقا عن طموحات هذه الطبقة العريضة المغبونة ’ لأنه يلامس تطلعاتهم ويكرس لمرحلة البناء والتأسيس الذي يعنى ـ بالنسبة لمن لا يحلو له ذلك ـ القطيعة ’ أي الزوال والاضمحلال والفناء والقولبة واللاامتداد ’ إنها تعنى استشراف مستقبل ليس فقط جديدا وإنما متجدد’ أي أن طابعها التجدد واللاثبات ’ فهي قطيعة توتاليتارية شمولية تحيل إلى التأسيس وتنظيم ومأسسة مؤسساتنا التي أضحت ملكا للأشخاص وحتى أن المواطن ما عاد يثق بها ولهذا ففكرة الامتداد سمة مناقضة للتطور والرقي إنها تحيل إلى التواصل لنهج معين وهذا خلف ولا يستساغ حسب زعم المناطقة { فالسياسة فن الممكن} أي أنها{ بناء غير مكتمل وكل منا يضع لبنة لتبقى الاختلالات قائمة} على حد لغة رئيس مرشح الإجماع الوطني السيد محمد ولد محمد أحمد الشيخ الغزوانى’ وهكذا فمفهوم الامتداد يعنى الاستاتيكية والثبات في ظل عالم ميسمه التغير والتطورواللاانسحام بفعل العولمة ’ انه عالم الثورة الكوبرنيكية ’ وهو ما يشي بأن الامتداد أيضا مناقض لفكرة التقدمية واللاتمايز والتي تفضي إلى الفكرة الخاطئة بأن البشر محكوم عليهم بعدم التطور والاكتمال .
والسلام على من اتبع الهدى ونهى النفس الأمارة بالسوء عن الغوي
ذ . . السيد ولد صمب أنجاي

كيفه بتاريخ : 18 ـ 8 ـ 2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى