أفكار حول التعليم والتعريب/ سيدي أحمد مولود

ظهرت في السنوات الأخيرة أصوات نشاز يحاول أصحابها التقليل من قيمة العلوم الإنسانية باعتبارها عديمة الفائدة.
والحقيقة أن هؤلاء يعانون من جهل مركب ولا يدركون أن العلوم الإنسانية هي أكثر العلوم ارتباطا بالإنسان جسما وعقلا وروحا، فأصحابها هم حملة الفكر والرأي والحكمة، وهم القادرون على بناء الدول وقيادة الشعوب وتوجيه الأمم.
أما ما سوى ذلك من العلوم فيرتبط بالمهن والآلة أكثر من ارتباطها بالإنسان، فالميكانيكي مثلا يستطيع أن يصلح ما في السيارة من أعطاب، لكن ليس في وسعه أن يصلح ما في الشعوب من اعوجاج.
والمهندس يمكن أن يعالج ما في الجهاز من خلل فني، لكنه سيقف عاجزا عن تقديم رؤية سياسية وخطة استيراتيجية شاملة تسير عليها الدولة في طريقها إلى النهضة والتطور.
وعالم الفلك ورائد الفضاء لا دراية لهما بتربية الأطفال وإعداد الأجيال الصالحة.
لهذا من النادر أن ترى رئيس دولة متقدمة طبيبا أو مهندسا أو ميكانيكيا، وإنما تراه من أهل القانون أو الاقتصاد أو التاريخ أو الجغرافيا البشرية أو خبيرا في في الإدارة والتسيير…
إن الآراء والأفكار الشاذة التي تحط من مكانة الشريعة والاسلامية واللغة العربية تعتبر من المخلفات السلبية التي تركها المستعمر في مجال الثقافة والفكر، وورثها لأذنابه من حملة الثقافة لفراكفونية، وهذا أكبر عائق للتنمية، لأن التمسك بالثوابت والتصالح مع الذات هو الطريق إلى النهضة والتطور.
وما زلت حائرا من عدم تعريب الوثائق الرسمية للدولة خاصة الوثائق الصادرة عن المؤسسات الخدمية التي تتعامل مع المواطنين يوميا، بل ترى المنظمات والمشاريع التنموية العاملة في بلادنا، والتي تنشط في القرى والأرياف، وتنظم الدورات التكوينية والتثقيفية لصالح الأهالي ونشطاء المجتمع المدني من سكان الريف، ومع ذلك تحرص على كتابة برامجها وإلقاء محاضراتها بالغة الفرنسية.
إن السر تخلف المواطن وعدم وعيه بالنُظم القانونية والإدارية المعمول بها، أنه يتلقاها بلغة أجنبية لا يفقه منها شيئا، وما دام الأمر كذلك، فلا لوم عليه في جهل القانون، (خاطبوا الناس بما يفهمون).
لقد لاحظت مؤخرا سلوكا متطرفا ينتهجه بعض الموظفين والمثقفين من إخوتنا الزنوج، حيث يُصر أحدُهم على التحدث باللغة الفرنسية ويتظاهر بجهله المطلق باللغة العربية مع معرفته بها، لكنه إذا ألجأته الضرورة لها تجده يتكلم بها بطلاقة لسان!
ولا يعلم هؤلاء الجهلة أن لغة الضاد فيها جميع مقومات البقاء حيث يتكلم بها 300 مليون إنسان، وترتبط بدين الإسلام وهو ما جعلها مقدسة عند مليار ونصف من البشر، هذا بالإضافة إلى أنها لغة علمية غنية بالمفردات والمصادر، وكونها معتمدة لدى مجلس الأمن الدولي.
إن أمة لا تتعامل بلغتها الرسمية وتخجل من الكلام بها، لهي أمة فاشلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى