كيفه :و انتهت الانتخابات الرئاسية .. !

و انتهت الانتخابات الرئاسية .. !

مثلت الانتخابات الرئاسية في بلادنا هذه المرة نموذجا ديمقراطيا فريدا من نوعه في المنطقة، رغم ما شابها من تجاوزات . لكن التحدي يبقى قائما، فنجاح التجربة مرهون بالاستفادة من المحاولة، و استخلاص العبر و العمل بالديمقراطية قلبا لا قالبا فقط ، ذلك أن المواطن سيكفر بها حتما ما لم تتحقق العدالة الاجتماعية و العيش الكريم فينزلق الجميع نحو المجهول .

إن النجاح في تنظيم انتخابات رئاسية لا يشارك فيها الرئيس المنتهية ولايته في مجتمع ترتفع فيه نسبة الأمية لأمر يذكر فيشكر ، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في مدى جدوائية رونق الشكل على حساب المضمون و “المظاهر دائما خداعة” .

فالمواطن في موريتانيا بحاجة إلى معجزة ترتقي به، لتخرجه من سلة المهملات قبل أن يدفعه جهله إلى الانتشاء بنصر فلان أو التحسر على هزيمة علان؛ وفي الحالتين مجازفة كبرى .. بحاجة إلى خلطة سحرية من العدل و الحرية و المساواة ، و إلى وجبة صحية من التعليم و الصحة و التشغيل ليتحقق بذلك نفاذه إلى خدمة الوطن بكل كرامة واستقلالية تامة لا تهزها جاهلية بغيضة و لا عنصرية مقيتة .

إن ممارسة المواطن في الغرب لحقه في الانتخاب أضحى ترفا سياسيا لا يزاوله إلا أصحاب الاختصاص و المهتمون بالشأن العام ممن يغلبون المصلحة العامة على المصالح الفردية الضيقة .. فهو حق اختياري لا إجباري؛ لذلك تقدمت بلدانهم و تحسنت ديمقراطيتهم. فاستنسخنا -نحن- التجربة كرها لا رغبة و دون أن نؤسس لها قواعد متينة ننطلق منها إلى بناء وطن متماسك تذوب فيه الفروق الاجتماعية ؛ فجاءت ديمقراطيتنا مشوهة حيث تتغذى بالقبلية أحيانا و ترتوي حتى الثمالة بالعرقية و الشرائحية أحايين أخرى .

و اكتفينا بنجاح الشكل من حيث الانسيابية في احترام الآجال القانونية و القدرة على التنظيم و السلم الأهلي مع بعض الملاحظات .
و اختزلنا الديمقراطية في أمور كهذه مع توابل حارة ذات مخلفات ضارة كاستخدام المال السياسي و إذكاء النعرات القبلية.. إنها منغصات تفاقمت كثيرا فأصبح المواطن يقوده بطنه نحو إذلاله و تقيده أمعاؤه عن أداء واجبه بكل بحرية .

فاعتلى السماسرة و التجار و الرجعيون كراسي صنع القرار في البرلمان و تقدموا المشهد السياسي في كل موسم انتخابي و تمكنوا من التأثير على إرادة الناخبين لتتردى الخدمات أكثر و تتبدد الأموال و يبقى الشعب يعاسر شظف العيش و نكد الحياة في جحيم الحرمان .

إن من يريد لهذا الشعب المسلم المسالم الخير و النماء يجب أن يعمل جادا على إصلاح التعليم و توفير الصحة و تحقيق العدالة و تحسين ظروف العيش للمواطنين ؛ عندها يكون للفرح بنجاح الديمقراطية معنى حقيقي و للانتصار على الخصوم السياسيين طعم لذيذ .

الحسن محمد الشبخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى